الوطن و الامة و الانسانية .. حق الاختلاف ، و واجب الائتلاف :بقلم-أسماء العلالي-
.
في هذا اليوم الاول من شهر رمضان المبارك، و الامة الاسلامية من اقصى الشرق الى اقصى الغرب يوحدها الصيام في نمط عيش متشابه ، و الجاليات المسلمة في دول المهجر بمختلف اصولها توحدها ساعة الامساك و الافطار ..
من كمشة رجال هاجروا مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم منذ 1400 سنة ، اصبحنا اليوم 1،8 مليار مسلم ..
1،8 مليار مسلم يوحدهم رمضان في الزمان، ثم يوحدهم الحج في المكان ، و توحدهم شهادة ان لا اله ألا الله و ان محمدا رسول الله في العقيدة !!
1،8 مليار مسلم ، هل تتخيلون ضخامة هذا الرقم !!
و الاحصائيات تقول ان الامة الاسلامية في ارتفاع بسبب تزايد المسلمين الجدد و لان المسلمين يتوالدون و يتكاثرون ..
دعونا نقارن هذا الرقم مع الصينيين (1،4 مليار) يخضعون لتحديد النسل و تفوقوا في اقل من 30 سنة !!
و دعونا نقارنه مع اليهود الذين لا يتجاوز عددهم 15 مليون، و هم ايضا في تناقص و متفرقون بين امريكا او اسرائيل !!
في هذا الزمن الذي تتشكل فيه التكتلات بحسب المصالح مشتركة ، يبحث الذين تفرقهم 95% من الاختلافات عن تلك 5% النسبة الضئيلة من القواسم المشتركة كي يلتفوا حولها و يتوحدوا ليحققوا مبدأ “الاتحاد قوة”..
الامة الاسلامية قوة عظمى بأعدادها ، و بثرواتها .. تجمعها 95% من القواسم المشتركة .. فما هي تلك 5% اللتي تفرقها ؟؟
ان اخطر مفهوم على مبدأ الوحدة هو الاعتقاد بمنطق الانتماء العرقي ، او الانتماء الفكري ، او الانتماء السياسي ..و تغليب الانتماء للمجموعة الصغرى على المجموعة الكبرى .. و الاخطر هو حين تعتقد كل مجموعة انها على حق و سواها على باطل .. و يضيع الزمن في النزاعات و تضيع الجهود في الاتجاه و الاتجاه المعاكس ..و تنشأ الصراعات التافهة و تتشتت الجهود و تهدر الثروات و يضيع الزمن .
و هذا المبدأ الانساني و هو مبدأ تدبير الاختلاف و الايمان باهمية تجاوز الانتماء الخاص للمجموعة الصغرى قصد توحيد الانتماء العام للمجموعة الاكبر ، و هذا المبدا يسري على مستوى المجموعات من اصغرها الى اكبرها .. من مستوى الاسرة الى مستوى القبيلة ، و من مستوى القبيلة الى مستوى الوطن ، و من مستوى الوطن الى مستوى الأمة، و من مستوى الامة الى مستوى الانسانية !
الاسر توحدها المودة و الاخلاص و تفرقها الانانية ، و الدول يوحدها الشعور الوطني و تفرقها الانتماءات العرقية و التجاذبات السياسية و الحسابات الضيقة ،
و الامة يوحدها الاعتصام بالقواسم المشتركة و الايمان بالقضية الكبرى !!
فالاختلاف حق ، و الانتماء و الهوية حق .. و لكن حق الاختلاف يتوقف حينما يتعلق الامر بوحدة الاسرة او بوحدة الوطن او بوحدة الامة او حتى بوحدة الانسانية ، حينها يصبح الائتلاف واجبا و ينتصر واجب الائتلاف على حق الاختلاف .. و غير ذلك سبيل مضمون للفشل و تضيبع للزمن و الفرص و المجهود ..
” و لا تنازعوا فتفشلوا و تذهب ريحكم ” صدق الله العظيم ..
رمضان كريم ، و كل عام و المسلمون بخير ،كل عام و وطني بالف خير ..
عاش الملك ، عشتم و عشنا و عاش الوطن ..
اسماء علالي ، 25 ابريل 2020