ذ.عادل بن الحبيب يكتب للوسيط … فوضى الدكتوراه الفخرية والألقاب المجانية !
ما دفعني إلى الحديث عن الدكتوراه الفخرية، ما انتشر في الآونة الأخيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، من منح جهات معينة غير علمية شهادة الدكتوراه الفخرية لأشخاص من غير النظر في مخزونهم الفكري او عملهم او ما قدموه للمجتمع .
توزيع هذا الكم الهائل من الشهادات و الدكتوراه من طرف بعض الجهات ، دون الالتزام بالمعايير الصارمة التي تخص أحقية منحها، على أناس لم يقدموا اي شئ للمجتمع و لم تكون لهم اي إضافة، أمر يثير الاستغراب. فجامعات عريقة و لها تاريخ ،و عمرها مئات السنين لم تمنح هذا الكم من الشهادات. الأمر الذي يثير جدلا كبيرا داخل الأوساط العلمية بشأن العشوائية التي باتت تشوب منح الشهادات والألقاب، الشئ الذي أثارت استياء العديد من الفاعلين المغاربة بمختلف المجالات،خاصة الأكاديمي.
وفي سياق متصل، بدأت ظاهرة شادة أخرى، تتعلق بتوزيع الصفات والألقاب السياسية على الأشخاص، من قبيل “سفير دولي” أو “سفير للنوايا الحسنة” أو “خبير دولي” أو “مفوض دولي” أو “باحث دولي” وغيرها، وهو ما يطرح العديد من التساؤلات بشأن أهلية هؤلاء للشهادات الممنوحة ،في ظل عدم الاعتراف بها من طرف الجهات الرسمية، الوطنية منها والدولية.
لنتعرف سوية ما هي الدكتوراه الفخرية .
الدكتوراه الفخرية هي عبارة عن شهادة تمنح بدون وجود رسالة أو مناقشة لمنهج ما، وتعطى تقديرا لجهود هذا الشخص في مجالات محددة، وتعتبر الدكتوراه الفخرية منحة شرفية، لا يمكن للحاصل عليها العمل بها، ولكنها تضاف إلى سجل إنجازاته.
فهي عبارة عن منحة شرفية تمنح لشخصيات معينة كتعبير عن الشكر وتقدير لمجهود هذا الشخص في مجالات معينة أو إنجازات علمية أو اجتماعية قام بها، ومن خصائصها أنها لا تشترط حصول الشخص على درجة أكاديمية، ويمكن للحاصل عليها الحصول على أكثر من درجة دكتوراه واحدة، هي إذن امتياز يمنح لشخص ما من أجل تكريمه ولذلك من الطبيعي أن يكون هذا الامتياز محصورا في المجالات التربوية في أي بلد أي كان مكانها، ويجب على الجامعة التي تقدم وتمنح الدكتوراه الفخرية أن تكون قد حصلت على التراخيص الخاصة منح الشهادة ، وبعد عدة سنوات من الحصول على هذا النوع من الشهادات يمكن أن يحق لها تقديم الدكتوراه الفخرية لما تراه مناسبا، فالدكتوراه الفخرية لقب أكاديمي، وليس مرتبط بمرتبه علمية.
ومن شروط منح الدكتوراه الفخرية، أن ينص قانون إنشاء الجامعة الرسمية، أو أنظمة إنشاء الجامعات الخاصة، على صلاحية منح شهادة الدكتوراه الاكاديمية وأن يجاز لها منح شهادة الدكتوراه الفخرية في حدود اختصاصية محددة، تتوافق مع الكليات العاملة في الجامعة.
و أن يتمتع الشخص المرشح للدكتوراه الفخرية بخصوصيات استثنائية في المجالات العلمية أو الإنسانية أو الوطنية.
و يكون شخصية معروفة ومشهودا لها، وأن تكون أعماله نوعية، وإنجازاته رفيعة، وذات طابع عام وشامل، أو نضالي.
و أن تكون المؤسسة التعليمية المانحة جامعة عريقة وذات تراث علمي وفكري، ولها صدقية أكاديمية.
من المفترض أن قيمة الدكتوراه الفخرية هي بقيمة الجهة العلمية المانحة لها، وقيمة الشخص الذي حصل عليها، لذلك فقيمتها هي قيمة معنوية فقط، ويجب مراعاة دور الشخص المقدم له المنحة في جميع النواحي العلمية والابداعية، وفي الجهود الميدانية، والفكرية، ودوره السياسي المقدم للدولة.
هي إذن عملية تكريم للشخص والمؤسسة التربوية المانحة، معنويا.
الدكتوراه الفخرية هي اعطاء شخصيات لم تتمكن من متابعة تحصيلها الاكاديمي الكلاسيكي، وتركت اثرا ونتاجا أهم بكثير من عدد من الأطروحات بإعطائها هذه القيمة التي تستحق علميا، اذ أن قيمة الانسان العلمية ليست بلقب الدكتوراه الاكاديمي الذي يحصل عليه بل بنتاجه المعرفي والثقافي والسياسي والاقتصادي وبدوره في الحياة.
مقالات في المستوى الرفيع كالعادة، صحيح الشهادات الوهمية و الألقاب المجانية أصبحت تباع و تشترى.سلم قلمك