المتبرعون …بقلم الدكتور عزالدين بوالنيت
المشاهير والأثرياء الذين يعلنون تبرعهم بمبالغ مالية لدعم حكومات بلدانهم في أعباء مواجهة جائحة كورونا، يفعلون ذلك في مناخ تواصلي وضريبي يجعل تلك الإعلانات في حد ذاتها مربحة. فهي تحاط بإجراءات تجعل منها عمليات تواصلية اولا وقبل كل شيء، ثم تعقب ذلك خطوات لتسجيلها لدى مصالح الضرائب في بلدانها كي تستفيد من الخصوم الضريبية المقررة. وبعضها يستثمر، من بين ما يستثمر فيه، في غسل الصورة والسمعة، مما قد يكون علق بها في السابق من اوساخ تصرفات غير مشرفة.
هذه الاعتبارات، لا تكون لها فعالية الا في مناخ يكون فيه الرأي العام ذا وزن في كل الشؤون، الاقتصادية والسياسية والاجتماعية..
حين تبلغنا هذه الاخبار فنعقب عليها بمطالبة اثريائنا بالقيام بمثل تلك المبادرات، فنحن نعول فقط على ما نعتقد أنه الوازع الأخلاقي او الإنساني، او نعول على أثر الإحراج. والحال ان هذين العاملين لا يكفيان. بل لا بد من توافر المناخ المناسب الذي يحسب فيه للرأي العام الف حساب، والرأي العام لا ينشأ بالنوايا الحسنة وحدها، بل بدينامية البناء الديمقراطي المعقدة وطويلة النفس والتي يسهم فيها الجميع، كل من جهته، وبنصيبه من المسؤولية.
من جهة أخرى، ننسى أن هناك عددا اكبر، من اثرياء تلك البلدان، لم يعلنوا عن أي نية في التبرع. ومع ذلك، فلا المتبرعون تحولوا إلى ملائكة، ولا المحجمون اعتبروا شياطين..
ثم من قال انه لا يوجد عندنا اثرياء (ليسوا بالضرورة في الواجهة الإعلامية)، يسهمون في جهود التبرع باستمرار وبمبالغ مهمة وخدمات متواصلة للمساعدة الصحية لمن هم في حاجة اليها؟ وشخصيا أعرف عددا منهم يصرون على أن تبقى تبرعاتهم في طي الكتمان، لأنهم لا يريدون من ورائها لا خصما ضريبيا ولا ترميما لصورهم الإعلامية لدى الرأي العام، وإنما وجه الله ووجه الإنسانية الحقة.
في هذا البلد وأهله خير كثير، علينا فقط ان نتعلم كيف نراه.