أخبار وطنيةأقلام الوسيطتربية وتكوينرأي الوسيطمجتمع

بقلم ذ.عادل بن الحبيب … أساتذة المغرب في حاجة للحماية.

بعد كل تدخل أمني لتفريق احتجاج أو مظاهرة بالمغرب، يتجدد النقاش حول القانون المنظم لأشكال الاحتجاج في الأماكن العمومية، إذ غالبا ما تقدم السلطات المحلية الظهير الشريف رقم 1.58.377، بشأن التجمعات العمومية الصادر في 15 نونبر من سنة 1958 (عدل مرتين آخرها عام 2002)، كنص قانوني يشرعن عملية التدخل، بينما يعتبر الحقوقيون في كثير من المرات أن القوات العمومية تتدخل خارج إطار القانون.

أثار التدخل الأمني لفك الاعتصامات التي خاضها الأساتذة المتعاقدون يوم الثلاثاء المنصرم ، جملة من ردود الفعل، فقد تصدر الحدث عناوين وسائل الإعلام ومضامين شبكات التواصل الاجتماعي ، لتصير قضية الأساتذة المتعاقدين في قلب النقاش العمومي، وما تطرحه من إشكاليات للحكومة من جهة ولفئة الأساتذة الذين يرفضون صيغة العقود ، ويطالبون بإدماجهم في أسلاك الوظيفة العمومية من جهة أخرى.
حيث سجلت عدسات الكاميرات خلال احتجاج الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد يومه الثلاثاء 16 مارس 2021 بالعاصمة الرباط، مشاهد يظهر فيها رجال السلطة يتعاملون بعنف مع أصحاب الوزرة البيضاء، وبشكل يمس بكرامتهم وإنسانيتهم، مما جعل الرأي العام ينتقد هذا السلوك ، لكونه مخالفا لروح الدستور المغربي في فصله الثاني والعشرين، والذي ينص على أنه “لا يجوز المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص، في أي ظرف ومن قبل أي جهة كانت، خاصة أو عامة ولا يجوز لأحد أن يعامل الغير تحت أي ذريعة، معاملة قاسية أو لا إنسانية، أو مهينة أو حاطة بالكرامة الإنسانية، وأن ممارسة التعذيب بكافة أشكاله، ومن قبل أي أحد، جريمة يعاقب عليها القانون”.

إننا أمام هذا الوضع لا نملك إلا إدانة هذا السلوك باعتباره يمس بالحكامة الأمنية، التي تنشدها الأمم الديمقراطية، والتي تعتبره معيارا رئيسيا من معايير التحول الديمقراطي في أي بلد، إذ لا يمكن تصور وجود تحول ديموقراطي في أي مجتمع، دون أن تطال البنيات الأمنية لهذا المجتمع، تغييرات جوهرية، لضبط تعامل الأجهزة الأمنية مع المواطنين، بحسب ما تقتضيه القوانين، وما تفرضه المواثيق الدولية التي تنظم مجال الاحتكاك بين قوات الأمن والمواطنين.

إن ما وقع يوم الثلاثاء ضد الشكل الاحتجاجي للأساتذة يمكن وصفه بالعنف الغير مبرر، فحسب روايات الاساتذة المتظاهرين فإن السلطات الأمنية صادرت في ضرب صارخ للدستور، حق التنقل والسلامة الجسدية، والحق في التعبير و تم طرد الأساتذة من الغرف المحجوزة في الفنادق، وتسجيل محاضر بحقهم بتهمة خرق الطوارئ الصحية، فضلا عن مطاردتهم في شوارع العاصمة، وتعنيفهم بشكل غير مقبول،
و استخدمت القوة المفرطة، خاصة في غياب أي أدلة على ارتكاب المحتجين لأي عنف.

فحرية التجمع السلمي من أهم الحريات السياسية التي تبنى عليها الأنظمة الديمقراطية، على اعتبار أنها من أهم الحقوق والحريات الأساسية التي تضمنتها مختلف صكوك واتفاقيات حقوق الإنسان. ويعد الحق في الاحتجاج السلمي من أهم حقوق الإنسان التي نصت عليها جل العهود والمواثيق الدولية، وكرستها الدساتير المختلفة لكل لدول العالم، وهو حق الإنسان في حرية التعبير عن الرأي بمختلف السبل وشتى الوسائل كالتجمعات السلمية التي تهدف للتظاهر تعبيراً عن رأيهم في موضوع ما سواء كان هذا الموضوع يمس حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، أو يمس بالحياة اليومية للأفراد، ويكون التعبير عن الرأي بالتجمعات السلمية عن طريق رفع الشعارات في المطالب التي يهدف الأفراد إلى الوصول إليها من خلال هذه التجمعات السلمية.

إن السلطات التشريعية ملزمة بإعادة النظر في تعديل هذا النص القانوني قصد ملاءمته مع فصول دستور 2011 التي أضحت تتيح هامشا واسعا من الحريات والحقوق الفردية، الظهير في حاجة إلى نفس ديمقراطي لمواكبة الاجتهادات القضائية والتوجهات والاتفاقيات الدولية المؤطرة للتجمعات العمومية خاصة العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. فلسفة هذا الظهير جاءت لمنع أشكال التجمع التي تعرقل السير العمومي، عكس الوقفات الاحتجاجية في الأماكن القارة التي لا تسبب أي عرقلة، و التي لا تحتاج إلى ترخيص مسبق، بل مجرد إشعار يبلغ بأي وسيلة كانت.

حل ملف الاساتذة المتعاقدين لن يكون بالمقاربة الأمنية. بل يجب تبني مقاربة تواصلية و ذلك بفتح نقاش مسؤول لمعالجة الاختلالات و الاستجابة للمطالب العادلة للاساتذة .توقف الحوار ، وتراكم الاختلالات التي تشكو منها منظومة التربية والتكوين، هو الذي يدفع الأطر التربوية إلى الاحتجاج لتنفيذ ملفاتها المطلبية. على الوزارة الاستجابة لمطالب فئات الشغيلة التعليمية، بدل “سياسية الهروب إلى الأمام التي تنهجها الوزارة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى