أقلام الوسيط

قضية ” موغا ” الساخنة في اولاد تايمة تكشف الستار عن رهانات التنمية

بقلم ذة : مريم زينون

عادت اسطورة ” موغا ” زعيم تهجير اليد العاملة المغربية بعشرات الآلاف للعمل بالمناجم الفرنسية منذ ستة عقود إلى واجهة الأحداث الاجتماعية، لتخترق كل التوقعات السياسية حول رهانات التنمية بالمغرب بعد مشهد النزيف البشري المميت لشباب منطقة اولاد تايمة بدافع الظفر بفرصة التسجيل في لوائح المهجرين إلى الديار الفرنسية لاستنزافهم كيد عاملة في جني الليمون. صورة سريالية ما كان لها أن تكون لو كان فعلا مؤشر الفقر بالمغرب قد انخفض كما راهنت عليه برامج حكومة الإسلامويين أو كانت 20 درهما قطعا تسمن زاد الفقير كما لمحت لذلك وزيرة الأسرة والتضامن سابقا، مشهد التهافت حد الانتحار تدافعا رغبة في مغادرة أرض الوطن بمنطقة اولاد تايمة بإقليم تارودانت لهو ضربة تحت الحزام للحكومة التي يقودها حزب أتى على الأخضر واليابس في تطلعات المواطنين البسطاء في إيجاد مخارج تنموية لأزماتهم الاقتصادية وتحسين أوضاعهم الاجتماعية حيث أن القرارات التصعيدية في ضرب قدرتهم الشرائية والتضييق على حقوقهم الدستورية في العيش الكريم لأزيد من نصف عقد من الزمن جعلتهم يتطلعون للبحث عن مخارج لأزمات اعتبروها تتجاوز الظرفية بعد انسداد الأفق في استجداء عطف المنتخبين السياسيين والاقتناع بوجود حالة التنافي لدى الحقوقيين، وإلا ما الذي يفسر إقدام ساكنة إقليم بالمئات على التدافع حد الموت رغبة في الهجرة لضمان عمل قار إن لم يكن الدافع حالة الاستياء والتذمر التي أصبحت تسود شريحة كبيرة من المواطنين اتجاه المؤسسات السياسية بسبب بؤسها في التعاطي مع قضاياهم الاجتماعية..

الكثير من التأويلات قد تتضارب حول الرغبة في جني الليمون بحقول فرنسا عوض جنيه بضيعات تارودانت، من قبيل تحسين مستوى الدخل أو من قبيل التعاون الدولي بين المغرب وفرنسا أو في إطار التنمية المستديمة ..الخ، لكن يبقى أبرزها هو فقدان الثقة في النخب السياسية ومؤسساتهم باعتبارها مسؤولة عن الوضع العام للمواطنين بعدم مساهمتها في إيجاد حلول لمنغلقات اقتصادية إزاء الظرفية المالية التي تمر منها البلاد فيما يسمى بأزمة الصناديق ( صندوق التقاعد، المقاصة، الدعم ..) ومع ذلك وإن تضاربت التأويلات حول هجرة “جني الليمون ” فإن حمولتها تبقى سياسية أكثر منها اجتماعية خصوصا مع حلول موعد الانتخابات والبحث عن الترشيحات، إذ من المحتمل أن تكون صفقة بخلفية حملة انتخابية قبل أوانها أو دعاية حزبية بحثا عن التزكية، وإن صدق فرضا هذا الغباء السياسي فمن سيصوت بعد هجرة المصوتين؟ بل الأكثر من ذلك ألا يمكن الاستنتاج على أن هذا الحدث يترجم قصور البرامج  السياسية  المحلية في معالجة أعطاب التنمية البشرية بالمنطقة؟

المشهد هو رسالة مشفرة لكل النخب السياسية قبل الانتخابات، تترجم في مجملها الانتكاسة السياسية والتراجع الطبقي داخل بنية المجتمع المغربي لأنه بالرغم من رفع عدد  الأوراش الملكية لتوسيع النسيج الاقتصادي وتطوير الموارد الاقتصادية وطنيا ودوليا بهدف تحقيق التنمية المتكاملة مع فتح أسواق دولية، إلا أن تحسين مستوى التنمية يظل مشروطا بتوفير بنيات حقوقية وسياسية منسجمة مع إرادة الملك والشعب في إطار ترسيخ نسق متكامل لوحدة الأمة والوطن …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى