أقلام الوسيط

من لغو الصيف تقوية أنسجة الشباب .. من المريد إلى الفاعل:بقلم -د”عمر حلي”

مرة دعيت للمشاركة في لقاء حول الشباب ومشاركة الشباب في مناحي الحياة. فاطلعت، إعدادا، على بعض المعطيات وعدد من الإحصائيات، فقادني تأملها إلى خلاصتين اثنثين:
– أننا نروج خطابا مغلوطا حول الشباب، بفعل ما ترسخ لدينا من رؤى مبتسرة ونماذج مقولبة، مجسدة في الهيئات والمنظمات السياسية والثقافية وغيرها.
– أننا لا نرتكز في عملنا على التقائية يمكن ان تعزز المبادرات الشبابية وأن تصلح ما ألم بنا من شتات في البرامج، وما أحطنا به أنفسنا من سياجات كبحت لجامات الفرسان منهم.

بالنسبة للنقطة الأولى، لا بد من إزالة الرماد الذي ندره فوق العيون. الشباب هم من تتراوح أعمارهم بين 17 و25 سنة، وليس من هم فوق ذلك بعقدين أو يزيد. والشباب ليسوا كتلة موحدة ولا يمكن الاقتصار على التصور الذي يحشرهم في جيش من المريدين الذين يسيرهم هذا الشيخ أو ذاك طول الوقت وفي السياقات كلها. الشباب يوحدهم الانتماء لسن محددة، لكنهم لا يمثلون يالضروروة فكرا واحدا وسلوكا موحدا، ولا ترتسم أحلامهم بالشكل نفسه وإن كانت الانتظارات الكبرى تتشابه لديهم: تكوين ثم حياة عملية وبحث دائم عن تحسين مشروع لشروط الحياة بشكل تصاعدي.
ويملي هذا الوضع انتماء اجتماعيا للشباب يساير دورة الحياة ويتأثر بالتنشئة الاجتماعية والفضاءات العامة كما يتأثر بوضع الشباب العام في علاقة مع السياق الذي يعيشه. وللرقي بهذه العلاقة وتحويلها إلى علاقة منتجة، لا بد من القطع مع العقلية الاستعلائية التي لا ترى في الشباب سوى حطب يلجأ إليه كلما دعت الضرورة ذلك: في الأسرة وفي الحزب وفي الجمعية وفي تجشيع الفرق المحلية والفريق الوطني.

يقودني ذلك إلى تصور يقوم على وصف ما يجري في الواقع. ربما وجب التساؤل اليوم عن دور الالتقائية التي يمكن أن تحسن وجود الشباب في المجتمع. التقالية البرامج العمومية، ولكن كذلك التقائية الفضاءات. وسوف أكتفي هنا بطرح بعض الأسئلة البديهية التي يمكن ان تساعدنا على تفهم قلق معبر عنه اليوم لدى هذه الفئة:
لا توجد، إلا في حالات نادرة، أية امتيازت مخصصة للشباب من الطلبة وغيرهم في ولوج ال عد،يد من الخدمات العامة في الفضاءات العمومية،، خ،ا،رج البطائق التقليدية للحافلات والتغطية الصحية للطلبة. وأقصد هنا الولوج للخدمات الثقافية من مسرح وسينما ومعاهد موسيقية وفنية، وفي بعض المطاعم والفضاءات الرياضية المختلفة، وفي فضاءات التخييم وفي المتاجر الكبرى وغير ذلك. وسيكون من شأن ذلك تحسين تمثل المجتمع للشباب وتحفيز هؤلاء على صون هذا التمثل. إذ عندما يصبح الوضع الاعتباري حاضرا يكون له تأثير إيجابي مهما كانت درجته.
وتستتبع هذه الملاحظة سؤالا شديد الارتباط بها، هو سؤال العلاقة التي تربط بين مختلف المؤسسات المتدخلة في الشأن الشبابي والمهتمة به، إما جزئيا في منحى محدد من مناحي الحياة، او كليا مثل وزارة التربية ووزارة الشباب ووزارة الثقافة وغيرها. كل منا يعلم الجهود الذي تبذل هنا وهناك، والتي تكون كبرى في كثير من الأحيان، غير أنه يغلب عليها التجزيء القطاعي وخفوت الالتقائية. وأظن أن التفكير مليا في الأمر قد يجعلنا نهتدي إلى طرق لتقوية الأنسجة الجامعة لتوطيد الالتقالية التي لا شك أنها سوف ترفع من المردودية ومن توسيع قاعدة المستفيدين، وتحفز – في الوقت نفسه – انخراطهم الإيجابي في العديد من البرامج التي لا تعوزها الموارد المادية والإمكانيات في كثير من الأحيان، بل يعتريها نقص إما في التواصل أو في التدبير.
سوف أعطي أمثلة متناثرة عن ذلك:
– ماذا لو توصل الطلبة في الجامعات والمعاهد بدعوات للمشاركة في التداريب الشبابية والمسابقات الفنية والبادرات الاجتماعية، بمعنى أن تكون الاستمارات موجهة إليهم بشكل قصدي مثمنة صفة انتمائهم الطلابية او الجمعوية أو السياسية أو غيرها؟
– ماذا لو نظمت التحفيزات (بما فيها التحفيزات المادية) بشكل يثمن الاعتراف بالمبادرات الشبابية؟ (لم أسمع يوما تنظيما سياسيا كرم شابا لبلائه بلاء حسنا في محطة من محطات حياة الهيئة التي ينتمي إليها؛ بل الأفظع من ذلك أن المنطق السائد في أغلب الأحيان هو منطق التعبير المغربي : “ليقو ولا سيقو” أي قم بتوظيفه واخل سبيله بعد ذلك.
ولذلك أدعو المهتمين بشأن الشباب إلى الكف عن عن اعتبارهم مريدين والنظر إليهم باعتبارهم فاعلين، على الجميع دعم حضورهم ليكون أبهى وأنجع.

ملحوظة: هناك من سوف يعتبر كلامي لغوا وطوباوية، ولهؤلاء أقول أنا أعتز بطوباويتي عساها تساعدني على فهم بعض الأشياء التي فاتني فهمها وأنا واقعي كثيرا.


 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى