المرشدات الدينيات .. الوعظ بصيغة المؤنث
بقلم ذة: مريم زينون
لعل من التحديات الروحية والسياسية التي نهجها المغرب داخل مسارات التحول الاجتماعي لحماية الخطاب الديني من التطرف وتأكيد المساواة بين الرجل والمرأة، في تأطيرها ومساعدتها على فهم شؤونها الدينية، هي إحداث شعبة تكوين المرشدات القائمات على مهمة تحضير الدروس الدينية والأنشطة التثقيفية لفائدة النساء المرتادات للمساجد، ليتحول الوعظ بصيغة المؤنث إلى استراتيجية وطنية تهدف إلى تصحيح الخطاب الديني في المغرب وتأكيد مضامينه المالكية عوض الخطابات السلفية المشبوهة التي كان يروج لها داخل المساجد والفضاءات العامة المغلقة بهدف نشر ثقافة التكفير والتخوين والانفصال والعنف المتبادل مما أدى إلى إفراغ الخطاب الديني من أي مدلول حقيقي ..وقد تجدر الإشارة على أن التوجه الوطني في توطين مهمة الوعظ والإرشاد الفقهي عند النساء كما عند الذكور في إطار مقاربة النوع لا يؤدي إلى تعارض في الأدوار والمهام باعتبارها محددة سلفا استنادا إلى الشرع والسنة مادام يحتفظ للرجل بالخطبة والإمامة وللمرأة بالوعظ والإرشاد اقتداءً بالمرجعية السنية لأهل البيت .. وبما أن الإسلام يحمل بذور عقيدة تقبل التنوع فإن دور المرشدات الدينيات يدخل أيضا في خانة إعادة هيكلة الحقل الديني من خلال نهج سياسة القرب باستهداف النساء في الأحياء المعوزة والمؤسسات السجنية اللائي لا يصلن إلى المساجد لتلقي الدروس ومساعدتهن على حل مشاكلهن من خلال نشر ثقافة التآزر وخلق جسور التواصل بجمع التبرعات وتقديم المساعدات للأسر المعوزة بوازع إيماني وبهدف حماية بعض النساء من الوقوع في شرك الظلاميين بملء الفراغ الروحي واستغلال الضعف العقائدي والعوز المادي في التأطير الإجرامي فضلا عن دور الواعظات في التوجيه إلى جانب الاستشارات الفقهية داخل المغرب وخارجه في بعثات لتغطية حاجة النساء المغربيات للتفقه في الدين من أجل الوقاية من السلوكيات غير الشرعية، وتبديد الغموض في الشريعة الاسلامية .. من هذا المنطلق يحرص المغرب كدولة يقتدى بها في مبادرة تسجل الأولى من نوعها في تأنيث الوعظ الديني إلى جانب تكوين المرشدين والأئمة بعد انهيار القيم والأخلاق في مستويات شتى للتصدي لكل الممارسات والأفكار ذات البعد الظلامي التي لا تنطوي على نوايا ذاتية بقدر ما تنطوي على نوايا إرهابية ما دام منطق التطرف الديني هو المبطن في الأهداف والمقاصد .. ومما لاشك فيه أن الهدف الاستراتيجي لإحداث شعبة المرشدات الدينيات الذي هو حماية الخطاب الديني من الإرهاب لا يجعل من وجودهن مجرد اعتباط بقدر ما يجعلهن حسب التحولات والمستجدات التي باتت تحدث في الأفكار يلعبن دور الوسيط الديني في حقل مشروط بالفاعلية والانفتاح داخل المساجد وخارجها على نساء الأوساط المعوزة خصوصا لفتح قنوات جديدة للتواصل والتآزر لمحو الجهل بالأنشطة ذات البعد التوعوي والتثقيفي عوض اختزال حياتهن في الجنس والإنجاب ..
-يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الاخرة –