أقلام الوسيط

الاكتئاب الحاد كمدخل للانتحار

بقلم : ذة مريم زينون

الاكتئاب كمرض نفسي منتشر بصورة كبيرة في العالم اجمع باعتباره يتلخص في الشعور بالحزن والألم النفسي الشديد، غير أن أعراضه تختلف حسب درجة حدته لدى الأفراد المصابين وحسب المناخ الاجتماعي والثقافي العام لكل مجتمع ولو أن علم النفس الفيزيولوجي يعرفه أيضا بأنه نقص أو اختلال في بعض المواد الكيميائية في الدماغ المؤثرة في الجهاز العصبي والتي تؤثر سلبا بشكل عام على الجسم كله مع ارتفاع نسبة التعرض للإصابة بأمراض القلب، علاوة على تدهور الجهاز المناعي الخاص بجسم الإنسان بسبب الأعراض الأساسية النفسية مثل الإرهاق التام، الإفراط في النوم، الشعور بالصداع، اظطراب الجهاز الهضمي، آلام في الظهر، الغثيان، بحيث تكون هذه الأعراض الجسمية سببا في سوء التمييز بين حالة الاكتئاب كمرض نفسي وأمراض باطنية أو عضوية أخرى لسبب تشابهها، الشيء الذي يتعسر معه تمييز الأعراض النفسية التي تكون مقنعة بالأعراض العضوية، خصوصا وأن مستوى الألم العضوي يختلف بين المصابين باختلاف درجة الاكتئاب لديهم، هذا الخلط في التمييز بين الأعراض إلى جانب عدم اللجوء إلى المختص النفساني يؤخر عملية التدخل السريع وتقديم سبل العلاج المناسبة الشيء الذي يمهد لتفاقم الأزمة النفسية لدى المصاب وتطورها إلى مستوى التفكير في الإقدام على الانتحار. لذا تجدر الإشارة على أن الاكتئاب الحاد يعتبر من الأمراض النفسية المزمنة والخطيرة التي تتطور في غياب العلاج والأخذ بيد المصاب به، بحيث ينبغي الانتباه خصوصا إلى تغيير المعتقدات السلبية والأفكار الخاطئة عن ربط الاكتئاب بحالة مزاجية سيئة عابرة أو قلق وهمي مجاني لا أساس له من الصحة كربطه ببعض السلوكيات الثقافية مثل الدلال والتظاهر بالتوتر للتهرب من مواجهة مشاكل اجتماعية، لأنه فعلا الأعراض النفسية للاكتئاب تبدأ حسية وتنتهي جسمية أي تكون لها انعكاسات سيكوجسمية انطلاقا من الشعور بالضيق والإحباط والرغبة في البكاء المستمر إلى صعوبة في التركيز والعصبية المفرطة لتتطور بعدها في غياب المتابعة إلى فقدان الثقة في الذات والتوبيخ الذاتي باستمرار مع تضخم هذيان الرغبة في الموت. من المهم أن يرتكز علاج الاكتئاب النفسي بالدرجة الأولى على الدعم النفسي المقدم من طرف المقربين للمصاب بالاكتئاب باعتبارهم أول المتدخلين في مشوار العلاج بالوقوف على علاج المشاكل الاجتماعية المحيطة به كخطوة أولى عن طريق التدخل في الحد من الضغوط النفسية المباشرة، بالإضافة إلى مرافقته وملازمته أثناء أزمته النفسية مع العمل على بث روح الأمل فيه وإبعاده عن أي انتكاسات، إلى حد مرافقته ومواكبته خلال لقاءات العلاج مع المختص النفسي إلى حين إيجاد العلاج المناسب. وذلك لأن خطورة مرض الاكتئاب تكمن في عزلة المريض وفردانيته التي تكون ملازمة لإحساسه بالدونية وفقدان الثقة في النفس .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى