المنظومة التربوية داخل سلطة المراقبة و المعاقبة
اٍن ما يميز السياسة الجديدة لتدبير قطاع التربية والتكوين أنها ستعتمد تقنيات جديدة في ممارسة سلطة التحول من الٍاهتمام بالمناهج والبيداغوجيات التعليمية ٍالى استثمار الحياة الاجتماعية للموارد البشرية كمنهاج جديد لتأطير الممارسة التعليمية وتأمينها من الشرور المستقبلية يعني التحكم في سيادة ما هو أقوم وأفضل لبناء فكري معتدل يحدد هوية المواطن المغربي الذي يجب أن يكون مهيأ للسيطرة على اندفاعاته وميولاته . ولعل الخلفيات الٍاجتماعية والسياسية و الأخلاقية التي باتت تحكم الفعل التربوي وتعرقل خط اٍصلاحه وتنامي الظواهر الشاذة المنسوبة لعلته جعلت واقع تدبير القطاع التعليمي يفرض نظاما صارما ومراقبة شديدة في ضبط التحولات والاٍصلاحات الخاضعة لشتى أنواع الهيمنة والمحاباة وتكريس لثقافة ابتزاز القدرات البشرية وتأمين صحة شروط عملها. اٍن البحث في اٍدماج مؤسسات التربية والتكوين داخل هياكل بناء مجتمع الاٍعتدالية والتعادل لابد وان يدمج في الوقت نفسه في نظم مراقبة ومحاسبة ناجعة وعادلة لتثبيت دمقرطة الحق في التعليم لمواطن اليوم والغد ودون تكلفة اجتماعية مخلة بشروط صيانة كرامة العاملين بالقطاع أو اختراق للعلاقات البيداغوجية ،فلربما المقصود في ظل السياسة الجديدة حسب ما سيؤول اٍليه التدبير القطاعي الجديد هو التحول من سلطة تدعم وتمجد المحسوبية السياسية اٍلى سلطة تسعى اٍلى دمقرطة الحياة المهنية في ممارساتها وتقنياتها تراقب وتضبط وتقوم دون تصادم أو تناقض في العلاقات التراتبية الاٍدارية والتربوية ، أكيد في ٍاصلاح قطاع التعليم يكون اٍصلاح المجتمع في كليته باعتباره يشكل النواة الأولى للمجتمع اٍلا أن هذا الاٍصلاح يجب أن يحمل في دلالته سلطة الٍانضباط العقلاني وليس هوس سلطة اختراق حرية الأفراد بالترصد والمراقبة والمعاقبة وتحليل المنطوق الخطابي حسب ما أسماه ميشيل فوكو ” التشريح السياسي للجسد الاٍنساني ” اٍذ ليس من الاٍنصاف تغييب التحفيز وثقافة الٍاعتراف بالأهلية المهنية القائمة على مبدأ الٍاعتدال والاتزان السلوكي والفكري والتركيز على السلطة التأديبية من خلال فرض المراقبة والمعاقبة ، هناك علاقة ترابطية أكيدة بين مصلحة التلميذ ومصلحة الموظف ولاشك أن التحفيز العميق والشامل على أسس ذات مرجعية قانونية في تحديد معايير التراتبية الهرمية وتقنين الٍاختصاصات والتوزيع العادل للٍامتيازات سيساهم في خلق التوازن الٍاجتماعي وما تقتضيه ظرفية الٍانتاج السياسي بأشكال من المساواة وتكافئ الفرص – مقترنا طبعا بالواجبات – سيضمن الاٍقرار بسلطة المراقبة كأسلوب للخير الجماعي والمصلحة العامة وليس كمجرد تقنية للتحكم في مصير الأفراد، ومن هذا المنطلق يمكن أن يشكل الٍاهتمام بإشكالية تحديد نمط الحياة المهنية التي يجب أن تطبع علاقة الموظفين بقطاعهم وكيفية اٍضفاء قيمة اٍيجابية عليها، جدلية سوسيو- سياسية تجعلها أكثر فعالية في الاٍنتاج التربوي بشكله الكامل وحسب الأهداف المسطرة له . واٍن سلمنا جدلا أن هناك انتهاك لشروط المردودية التربوية فذاك لا يتوقف على السلوك المهني للموظفين فحسب بقدر ما يتوقف أيضا على السمات الخاصة بمقومات المنظومة التربوية ككل حتى واٍن كان مرفوضا من الوجهة العلمية ربط الفشل بالمناهج والمقررات الدراسية اٍلا أنه يعود وللأسف بالدرجة الأولى اٍليها لزوال الأهمية الجوهرية المعترف بها كبديل للتربية الأسرية والمجتمعية في ظل الظواهر الشاذة التي أصبحت تؤسس للاٍحتقان الٍاجتماعي من خلال تبادل التهم بين المجتمع المدني والقائمين على التربية، ، الشيء الذي تحولت معه علاقة المنظومة التربوية بأوساطها المجتمعية اٍلى علاقة اٍدانة ، وعليه فالسؤال الذي بات يفرض نفسه داخل الساحة التربوية والمجتمع المدني هو :هل فعلا بلغ تدني مستوى قطاع التربية والتعليم هامش التجاوز لتصبح معه حتمية اٍقحام سلطة السيطرة والتحكم ضرورة ملحة أم أن هذه الفرضية تبقى مجرد تأويلات في نظام اللعبة السياسية ؟ !!!! واٍن كان الأمر كذلك فمن يتحمل مسؤولية التراجع الوظيفي داخل قطاع يحمل وزر أمة بأكملها رجل التربية والتعليم الحلقة الضعيفة في سياسة الاٍصلاح أم ممثلي الأمة المفترضين في تدبير نفقات اٍصلاح هذا القطاع وتدبير مصير الأستاذ الحلقة الضعيفة فيه ؟؟..
دعوة للتفكير…