أقلام الوسيط

أوضاع العمال المؤقتين والعرضيين بالجماعات الترابية أزمة تتطلب حلول عاجلة .

بقلم :ذ الحسين بكار السباعي 

سنعود إلى ترويض القلم للكتابة في مواضيع حقوقية ، وجب كشف المستور عنها والوقوف على ظروف فئات إجتماعية طالها النسيان ، رغم الأدوار الأساسية التي تقوم بها في المجتمع .
لن نتحدث عن معاناتها فقد نقلها الإعلام بتنوعه وسال مداد أهله وبلغوا الصورة في عمق تجلياتها وتتبعوا أوضاعها ومعاناتها و رصدوا مطالبها ليوصالواها لمسؤولينا المحترمين بكل أمانة و مهنية عسى أن تجد مطالبهم من اضحى بآدانهم وقر .
إنها ياسادة فئة إجتماعية نشطة بلغ عدد افرادها حسب بعض الاحصائيات الى مايفوق المأة ألف موزعة عبر مختلف الجماعات الترابية عبر ربوع هاذ الوطن العزيز .
العمال العرضيون أو المؤقتون أو كما يطلق عليهم الكثيرون عمال الإنعاش الوطني ، رغم الفرق الكبير مابين العامل العرضي وعامل الإنعاش الوطني بالنظر للجهة التي يرتبط معها ،فعمال الإنعاش الوطني عمال تابعون للعمالات وليس للجماعات الترابية.
كما ان الفهم غير الدقيق لنوعية المهمام المنوطة بهذه الفئة يحصرها في أولئك العمال الذين يشتغلون في المجالات المتعلقة بالنظافة والبستنة وأعمال البناء وغيرها .
غير أنه في واقع الأمر تسند للكثير منهم مهام أساسية في مصالح مختلفة تابعة للجماعات الترابية خدمة للمواطنين ، فتجدهم جنبا إلى جنب مع موظفين آخرين في وضعية قانونية مريحة ، ويقتسمون معهم نفس الواجبات، ويختلفون معهم في الأجر وباقي الحقوق الاجتماعية التي يضمنها لهم إما قانون الشغل أو قانون الوظيفة العمومية ، فئة تقضي حوائج المواطنين يوميا دون كلل أو تعب ، لكنهم بالمقابل يواجهون بالنكران .
فئة تعيش بشكل دائم بين سندان العمل دون أبسط الحقوق ،وبين مطرقة الانضمام إلى صفوف العاطلين الطويلة المهددة بها ، كلما رفعت شارة الاحتجاج مطالبة بتحقيق ادنى الحقوق .

وعودة الى التاريخ القريب عزيزي المتلقي ، فقد أعطى الملك محمد السادس، بخطاب العرش لسنة 2018، تعليماته السامية الى التعجيل بإعادة النظر في منظومة الحماية الاجتماعية، التي يطبعها التشتت، والضعف في مستوى التغطية والنجاعة ، الوقت قد حان، لإطلاق عملية حازمة، لتعميم التغطية الاجتماعية لجميع المغاربة ، خلال الخمس سنوات المقبلة، فالمجتمع المغربي يعاني من عدم تفعيل هذا الإجراء والحكومة المغربية يجب أن تفكر في برنامج عمل مضبوط ابتداء من يناير 2021، بدءا بتعميم التغطية الصحية الإجبارية، والتعويضات العائلية، قبل توسيعه ليشمل التقاعد والتعويض عن فقدان العمل ، ليكون بذلك يوم 14 ابريل 2021 المتزامن مع فاتح رمضان الابرك من خلال مبادرة فاس التاريخية الانطلاقة الفعلية لكل ما حملته خطابات الملك من انشغالات واهتمامات بالمعضلة الاجتماعية للمواطن المغربي .
واسترسالا و للمعلومة فالمرسوم رقم 2.85.394 الصادر في 18 أبريل 1985، خول لوزير الداخلية السلط والصلاحيات في ميدان “الإنعاش الوطني “، وتعتبر وزارة الداخلية هؤلاء العمال، عمالا مياومين لأنهم يمارسون أشغالا “لا تكتسي صفة الديمومة”، وبالتالي فهم بحسبها لا يوجدون في وضعية نظامية قارة، رغم أن بعضهم قضى عقودا في نفس العمل بل منهم تجاوز سن التقاعد دون تقاعد .

وتعتبر الحكومة المغربية ، وعلى غرار ما أدرج في بالمذكرة التقديمية لقانون المالية لسنة 2008، أن “الإنعاش الوطني” المحدث بموجب ظهير 15 يوليوز 1961، يهدف إلى تنشيط الشغل عبر تنمية التشغيل الجماعي بواسطة استثمارات تعتمد على يد عاملة عديدة لإنجاز الأشغال المتعلقة بالبنيات التحتية والتجهيزات قصد محاربة البطالة والهجرة القروية ولتسهيل مشاركة السكان في التنمية ، وتضيف ذات الفقرة أن الإنعاش الوطني يعمل على تعبئة اليد العاملة العاطلة وتشغيلها لإنجاز مشاريع ذات كلفة متواضعة وتستدعي وسائل تقنية متوفرة على الصعيد المحلي يمكن استعمالها من طرف يد عاملة غير مؤهلة.
سؤال الأوضاع الاجتماعية لعمال وعاملات الإنعاش الوطني طرح في العديد من المناسبات وعلى رأسها قبة المؤسسة التشريعية ، من طرف مختلف الفرقاء السياسيين ، نقاش حقوقي اجتماعي بامتياز وجب العمل بتوصياته وانزال مبادرة فاس الى الواقع الملموس واقع لازالت تستمر معه معانات فئة العمال المؤقتين والعرضيين.
في وقت لا تزال فيه الحكومة المحترمة تصر على أن عمال (الإنعاش الوطني) يتقاضون ما يعادل الحد الأدنى للأجور في القطاع الفلاحي، ليصدمنا واقع أجور هذه الفئة الذي ظل يتراوح ما بين 1200 و 1900 درهم دون تأمين وتغطية صحية وتقاعد ، مع العلم أن المرسوم الأخير لوزير الداخلية رقم D-3531 بتاريخ 18ماي 2023 أمر بتأمين الاعوان العرضيين والمتعاقدين بالجماعات الترابية عن حوادت الشغل هو بصيص أمل في مزيد من الحقوق الاجتماعية و في العمل على اخراج قانون خاص بهذه الفئة يضمن جميع مطالبها .
فهل اليوم مجالسنا الترابية المنتخبة ، قادرة على تطبيق هذه التوجهات التي ارست أسسها مبادرة فاس ؟ وهل استعابت عمق وهي القريبة من المواطنين ما تحمله خطابات الملك ومبادراته من دروس؟ وهل ستعمل وبشكل مستعجل لا يقبل أي تأخير الى الدفع بتسوية وضعية فئة العمال العرضيين و المؤقتين والمتعاقد معهم ، بما يضمن لهم تغطية اجتماعية تحفظ كرامتهم وتصون مستقبلهم ومستقبل أسرهم ؟

ذ/الحسين بكار السباعي
محام وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى