ذ.عادل بن الحبيب يكتب للوسيط… تسقط الأقنعة عندما تنتهي المصالح…
خفتت في الآونة الأخيرة شمس العلاقات الاجتماعية المبنية على الحب والتسامح والإنسانية، بعد أن أكلت نيران المصلحة طبيعة الحياة وجمالياتها وقيمها الروحية،الكثيرين غدوا يحتكمون الى شريعة المصلحة في تعاملهم مع الآخر.
لقد اتضح أن المصلحة باتت هي الأساس في العلاقات بين الناس. فهناك من يصادقك او يتواصل معك او يتقرب منك لمصلحة ما ، وبمجرد انتهاء المصلحة تنقطع كل صلة.
الحياة مبنية على المصالح المشتركة والتكافل و التعايش بين افراد المجتمع، فلو حللنا العلاقات بين الناس لوجدناها كلها منافع متبادلة ومصالح مشتركة، فالمصالح ليست امرا ممقوتا او مرفوضا حين تكون تحت ظلال المحبة والالفة والرحمة. لكن حين تحاط بغلاف الانانية وحب الذات تتحول الى استغلال تنسلخ من الرحمة فيتحول المجتمع الى قطيع من الذئاب يفترس فيه القوي الضعيف ويدوس الكبير الصغير، ويأكل الأخ لقمة اخيه ويتنكر الإبن لأبيه والاخ لأخيه، و الصديق لصديقه.
المؤسف اننا وصلنا الى هذه المرحلة من حب الذات فانعدمت الانسانية وتلاشت الالفة التي تربط افراد المجتمع ،للأسف وبحزن كبير أقول نعم هذا هو التوجه العام. إنه قمة التفكك الاجتماعي وهيمنة قيم جديدة خارج العرف البشري السوي. هذا التوجه خلق الازدواجية في التعامل مع الآخرين هذا أرحب به و أتعامل معه واتودد إليه و اتصل به فقط لأن مصلحتي معه، والآخر اقطع جميع اتصالاتي معه فقط لانه لايحقق لي مصالحي الشخصية.
هذه القيم الجديدة، جعلت الصداقة عبارة عن مصلحة، وللأسف هذه المصلحة لها تاريخ بداية وانتهاء، تنتهي فور انتهاء المصلحة وفي بعض الاحيان قد تتحول الى عداوة وافتراء.
أصحاب المصالح، أشخاص نالوا من الفشل نصيبهم، فالتجأوا إلى الآخرين كسلم يصعدونه، هم أشخاص يقومون بتحقيق مصالحهم على حساب مصلحة الآخر أو المصلحة العامة دون الأخذ بعين الاعتبار القيم والمبادئ الأخلاقية، وما أكثر الانتهازيون في زمننا هذا. أولئك الذي يتسلقون أشلاء الآخرين ليصلوا إلى مبتغاهم، يجيدون فن المداهنة والتملق والمدح، مبدعون في رسم الخطط، لا مبدأ لديهم ولا فكرة يدافعون عنها، همهم الوحيد في الدنيا هو الاتكال على الآخرين والركوب على أكتافهم ليحققوا مآربهم، وحالما يحققون المبتغى يطلقون ساقهم للريح ولا يتبقى منهم شيئا إلا الذكرى والشعور بالحسرة وبعض من الشعور بالغباء.
لهم في كل مكان وجود وفي كل مجال لهم بصمة، إنهم ينتشرون ويتكاثرون يا سادة! يتقربون ويتوددون ويلتصقون بالروح لصقا ثم يدرسوا شخصية الضحية يبدؤون في التنفيذ، إنها جريمة مكتملة الأركان. اصحاب الأقنعة أولئك الذين تعددت وجوههم، يتربصون بفريستهم وينقضون عليها في الوقت المناسب، فيبدؤون في نشر سحرهم الفتان والفتاك والكشف عن مواهبهم في التملق والتودد والإفراط في المديح والإطراء والمجاملة.
بارعون في التلون وتغيير جلدتهم والتخلي عن- مبادئهم- هم أشخص متعددون التوجهات والانتماءات والأفكار لا يدافعون عن فكرة معينة، مستعدون للتنكر لماضيهم عقائدهم، مستعدون للتخلص من ماضيهم أيضا ، همهم الوحيد التألق عن طريق التملق.
ليس هنالك طريقة تجعلنا في منأى عن أصحاب المصالح، كلنا معرضون لمصادفتهم والوقوع تحت أيديهم ،لكنه في النهاية لا بد وأن تسقط الأقنعة عن هذه النفوس المريضة والملوثة ولن يبقى لهم سوى خيار العزلة والوحدة.