الدورة الإستدراكية: استدراك في الإمتحان أم استدراك في المنظومة المجتمعية؟
بقلم ذة: مريم زينون
لقد فكت نتائج الدورة الأولى للٍامتحان الوطني الحصار عن نرجسية المجتمع الذي كان يتملص من مسؤوليته ويركز نقده على البداهات والممارسات السلبية داخل المؤسسات التعليمية لدرجة ممارسة الاٍستبداد بأحكام القيمة الجاهزة، ولكن حق القول أن المجتمع نجح في إقامة علاقة فاعلة داخل الواقع التعليمي بطريقة أدت به اٍلى المشاركة على نحو جعله يتصدى لعواقب توقف الدراسة الحضورية سعيا منه اٍلى التصدي لإكراهاتها ومردوديتها خصوصا مع تعقد ظروف وشروط التعليم عن بعد، مما أضفى مصداقية لفاعلية دوره داخل المنظومة التعليمية على نحو يسهم في تغيير الرؤية العقيمة للتقييم التربوي وهذا ما يفسر التناقض الواضح بين الخطابات النقدية المعتادة للمنظومة التعليمية وبين النتائج الاٍيجابية للاٍمتحان الاٍشهادي، فلا عجب أن يكون الأمر كذلك إذا ما تم تثمين مجهودات المجتمع بالتدخل في دعم المنظومة تماما كما تخلى عنها وانسلخ عن دوره في دعمها ومؤازرتها ليقف متفرجا ومنتقدا لتراجعها وانحطاطها هنا يصبح الإستنتاج واضحا، فانطلاق استراتيجية الإصلاح في مرحلتها الأولى لا يعني أنها بلغت أهدافها على الوجه الأكمل وهي لازالت تعيش إكراهات التنزيل بل ما أنتجته هو تفعيل دور المجتمع بالتحفيز على خلق إرادة ضرورية لتجاوز سيناريوهات العبثية والفشل والتجند لتقديم البدائل لتقوية مستوى المعارف التعلمية وتقديم الدعم المادي والنفسي تحصينا للاستثمار المجتمعي في التعليم خوفا من التغيير وإعادة التغير التي باتت موضة صارخة في قطاع يجدد نفسه دون انقطاع. والواقع أن حملة الدعم المجتمعي التي قدمها الآباء خلال فترة الحجر الصحي لكوفيد 19 أبانت عن الدور الاستراتيجي للأسرة في إزاحة الحدود بين المدرسة والمجتمع باختراق فضاء الممارسة الصفية من خلال مواكبة عملية التعليم عن بعد مع الأبناء وتعرية الأوهام الملتصقة بصورة المدرس المسؤول عن الهزال المعرفي والتربوي الذي آل إليه الوضع التعليمي بالمدرسة المغربية، خاصة أن ظروف الحجر الصحي جعلت الآباء والمدرسين في مواجهة مشتركة داخل حقل الإنتاج التربوي من خلال ابتداع ممارسات عملية مختلفة للإسهام في فعل ما لم يكن بالمستطاع فعله بالنسبة للمدرسة بسبب حالة القصور التي تسببت فيها ظروف الجائحة. ولعل أكثر ما تحيل عليه نسب النجاح في الامتحان الوطني للبكالوريا للدورة الأولى لهذا الموسم في قراءتها السوسيو- بيداغوجية هي إعادة التفكير في تغيير العلاقة بالواقع المجتمعي بعيدا عن ممارسة المعاندة والالتفاف على الأمور، بخلق صيغ جديدة تحسن التعاطي مع الواقع الثقافي للأسر باعتبارها سيف ذو حدين، لأنها بقدر ما تحاصر الواقع المدرسي بالنقد والهجوم بقدر ما تستطيع المساهمة في تغييره وتحريره من وهم التضليل.