ذ. عبد الرحيم بناوي للوسيط ….. “نظرنا الموازي لبلاغ الوزير أمزازي”
أسال بلاغ وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني الصادر بتاريخ 23 غشت 2020 الكثير من مداد الفاعلين التربويين والاقتصاديين والاجتماعيين، وتناسلت على إثره بلاغات وبيانات أغلبها ذات حمولة سياسوية تكتفي بتشخيص الوضع والتحذير والوعيد، وترفع أحيانا شعارات فضفاضة وتحمل سيناريوهات تفتقر إلى الواقعية والأجرأة ولم تأت ببدائل بيداغوجية يمكن للمسؤولين أن يستنيروا بها ويتخذوها بوصلة تربوية يكون قد ساهم بها الشريك الاجتماعي، كما حرك البلاغ أزرار اللوحات والهواتف والحواسيب وملأ الفضاء الأزرق صخبا بتدوينات وتغريدات وهاشتاغات وتعاليق وتحاليل لمن يعلم ومن لايعلم ،بعضها متهكم وبعضها منتقد وبعضها مناوئ أو محذر وبعضها متفق أو مبرر، فتباينت وجهات النظر الصادرةعن أفراد أو جماعات أو تنظيمات يستحيل معها الإجماع على كلمة سواء والاستقرار على نموذج تربوي واحد وموحد متفق في شأنه لأن مرجعيات الأطراف التي أبدت برأيها تختلف أحيانا وتتناقض بل تتصارع أحايين أخرى، فهناك راغب في تعليم عن بعد يعضد موقفه بدفوعات الحذر والخوف من الجائحة وأولويةالصحة عن الدراسة، وهناك راغب في تعليم حضوري مع اشتراط قيام الدولة بواجبها وتحمل مسؤولياتها باتخاذ الإجراءات والتدابير الاحترازية إسوة بدول مجاورة فتحت فصول الدراسة لمتعلميها وتعايشت مع الوباء، وهناك من يقترح تأجيل الدراسة إلى تاريخ معين وكأن كورونا أخبرته أنها ستغادر في ذلك الإبان أوبعد حين، وهناك من يرى الحل في تأجيل الدراسة إلى أجل غير مسمى حتى ولواستمرت كرونا بين ظهرانينا عشرات السنين لأنه ركن إلى الراحة واستطابها بل يتمنى دوام هذه الحال، فلا بأس عنده أن تمتلئ المقاهي والأرصفة وتكتظ الأسواق والشواطئ والصالونات والحمامات والنوادي وعين البأس أن يلتحق المتعلمون بفصولهم.
وفي قراءتنا لهذا البلاغ الصادر عشية الدخول المدرسي يتبين للوهلة الأولى أن هذا البيان صدر تحت ضغط الزمن لأن الدخول المدرسي قد أزف، كما صدر كذلك تحت نير مختلف مكونات المجتمع التي باتت تنتظر خروج الوزارة والحسم في النموذج التربوي المقبل الذي أضحى يرهن حال ومستقبل الأسر المغربية ويتحكم في استقرارها ويؤثر على ميزانيتها ونمط عيشها، كما جاء هذا القرار أمام عمش في رؤية وغبش في نظر الوزارة ومعها الحكومة لحال ومآل الوضعية الوبائية بالبلاد التي دوخت أمزازي وآيت الطالب والمرابط والعثماني ولجنته العلمية جراء تضارب الإحصائيات وتنامي الأرقام وتقلب وزئبقية المؤشرات الدالة… الفتك_الاختطار_الحالات الحرجة_التنفس الاصطناعي_التحاليل المخبرية_الأعراض_. التعافي وغيرها من المصطلحات التي لقنها لنا معاذ المرابط عن بعد.
فلاعحب أن تصدر الوزارة بلاغا يبرئ ذمتها ويرمي بالكرة في مرمى الآباء والأولياء وتخيرهم فيه طوعا أو كرها بين تعليم عن بعد ثبت فشله وتأكد عدم جدواه وانعدمت فرص تكافئه والدليل على ذلك عدم اختبار مترشحي باك 2020 في دروس مابعد 16 مارس،وبين تعليم عن قرب قد يعصف بصحة المتعلمين وذويهم ويساهم في استفحال المرض وسقوط منظومتنا الصحية المعطوبة، خاصة أن الدخول المدرسي سيتزامن مع فترة خريفية نبأ الخبراءفيها بماركة مستجدة وجيل جديد وموجة من المرض لاتبقي ولاتذر.
إن هذا القرار الذي تلعب فيه وزارتنا على الحبلين والذي تكون قد اتخذته بتشاور مع مايسمى باللجنة العلمية ولا يأمن الأسر المغربية من خوف وتتبرأ فيه من مغبة اختيارات الأولياء وتحملهم تبعات النمط البيداغوجي الذي سيختارونه لأبنائهم ،فهي تعلم علم اليقين أن التعلم الحضوري جلب للمصالح والمفاسد(العلم/المرض) والتعليم عن بعد درء للمفاسد والمصالح (الجهل/السلامة) وكأن لسان حالها يخاطبك إن اخترت لابنك التعليم عن بعد ولم ينتفع ولم يستوعب فأنت المسؤول وإن اخترت التعليم الحضوري وأصيب ابنك أو نقل إليك العدوى فأنت المسؤول الأول والأخير، أما الأستاذ فلايهم لأن مناعته فولاذية بل قد وقع اتفاقية أمن وسلام مع كورونا يوم وقع محضر الدخول.هذا القرار لايخلو من كر وفر و خوف وريبة وتوجس أمام وضع لاتحسد عليه وزارة أمزازي لكونها عاجزة عن اتخاذ قرار حاسم وجريء قد يحمل الحكومة مالاتطيق فيكلفها غاليا من جهة ومن جهة ثانية لكونها غير قادرة على إعداد العدة اللازمة على مستوى البنيات التربوية والموارد البشرية والمادية والعرض المدرسي والعتاد اللوجستي الضروري من تعقيم وتنظيف وتطهير وتباعد ووسائل وقاية لاستقطاب أكثر من سبعة ملايين متعلم في ظروف الصحة والسلامة والأمن البدني والنفسي كما توصي بذلك منظمة الصحة العالمية، ناهيك عن رداءة الخدمات الصحية وتدهورها وإنهاك وإرهاق أطرها واستعدادها للانهيار في أية لحظة مع تنامي عدد المصابين إذا قدر الله.
في الأخير نهمس في أذن الوزارة التي مافتئت تتغنى وتشيد بمجهودات نساء ورجال التعليم الذين أبانوا عن وطنية صادقة ورابطوا خلف الشاشات وانخرطوا بمسؤولية في ‘إنجاح’نمط التعليم عن بعد بإمكانياتهم الخاصة، أنها مطالبة وقبل التداول أو الحسم في أي نموذج تعليمي ستعتمده بالمدرسة أن العاملين بالقطاع الموكول إليهم تنزيل وأجرأة أية صيغة تربوية أو إصلاح بيداغوجي معتمد قد يئسوا و خارت قواهم وثبطت عزائمهم ، وأن بطارية الأطر الإدارية والتربوية والخدماتية نفدت وتعبئتها واستنهاضها وشحد هممها من جديد رهين بالاستجابة الفورية لمطالبها الملحة ومعالجة ملفاتها العالقة والحارقة وإنهاء انتظاريتها بالحسم في ملف الأساتذة الذين فرضت عليهم الهشاشة و معالجة ملف الإدارة التربوية وتمكين نسائها ورجالاتها من إطار يحفظ الكرامة وتلبية مطالب حاملي الشواهد وإصدار مراسيم متوافق في شأنها وطي ملف المساعدين التقنيين والإداريين ورفع اليد عن الترقيات بالقطاع وتحفيز شغيلته والإفراج عن نظام أساسي منصف يجبر ضرر الفئات التعليمية المغبونة ويرتقي بالأجراء العاملين بالقطاع إلى المصاف اللائق بعظم ونبل رسالتهم.