صناع الطغاة / طارق نصراوي
سيدة الطرب العربي ام كلثوم اتصلت بالسيد مكاوي ليلحن لها أغنية أنساك وكان حينئذ شابا يافعا بعمر العشرين فرح فرحا شديدا ولحن مقدمة الأغنية.
سأل ام كلثوم فقال كم سيكون اجري عن هذا العمل لتقول له : الا يكفيك فخرا ان تلحن لي
قال البقال الذي اشتري منه لا يقبل فخرا
هذا الجواب جعل ام كلثوم تستغني عنه في هذا العمل لتعود بعد مدة طويلة رسم فيها السيد مكاوي نجاحه وتألقه بعيدا عن يكفيه فخرا ان يلحن لكوكب الشرق ما يستشف من هذا كله انه على الإنسان ان يأخد اجره وان يدافع عن ذلك لان لا احد سيتحمل اعباء حياتك غيرك لا احد سيحمل هم صحتك وقوتك غيرك لا احد يكثرت لآهاتك في سكون الليل وانت تتقلب شاردا تفكر في مستقبل كاحل مظلم مقرف في وطن عاق لابنائه ••••
ما اعجبني في السيد مكاوي هو انه لم يصنع من ام كلثوم بهيلمانها كله طاغية بل تعامل معها كما كان ينبغي ان يفعل و طلب اجره عن عمله ،الطغاة أبداً لا يصنعون أنفسهم..الطغاة نحن نصنعهم و نساهم في إسرافهم المبالغ فيه في إشباع لذة الانا حد التخمة••
هناك من بطبعه إنسان متواضع لله طيب الأعراق عندما يبتلى بمهمة او منصب ما ترى المتزلفين بالآلاف يتمسحون به ويكتبون فيه ما لم يكتبه قيس في ليلى وهم في دواخلهم يكيدون له كيدا
ولان النفس البشرية ضعيفة رغم التواضع ورغم الورع يصبح المسؤول دون ان يشعر متكبرا ظالما متعصبا لرأيه وربما في كثير من الأحيان ابلها في كثير من المواقف والعيب ليس عيبه بل في محيطه المنافق .
مسافة الألف ميل تبدأ من الخطوة الواحدة وخطواتنا لازالت تسير بتتاقل للاسف الشديد
طارق نصراوي