أقلام الوسيط

الصحراء : تلك التي في خاطري.الخديعة الكبرى !!! سدي علي ماءالعينين : باحث في شؤون التنمية بالصحراء

 

عشنا نحن من ولدنا في تاريخ يسبق بقليل تأسيس جبهة البوليزاريو من شباب كانوا جيرانا لأسرنا ؛ وتاريخ يسبق مسيرة خضراء إعتقد بها المغاربة بحماسهم أن الصحراء أسترجعت ؛ كما عاشت القبائل موسم الهجرة الجماعية الى الصحراء للتسجيل في الإستفتاء…
و تتوالى الوقائع تباعا ويبقى الملف بين حالتين :
– حالة المغرب بأرضه مع ما يتعرض له الوضع من هزات بين مظاهرات تطالب بالإستفتاء و أخرى تطالب بالبقاء ؛ وبين حادثة مخيم كديم إزيك و ماتلاها من محاكمات عسكرية (!) لتتحول بعدها الى مدنية .
– وحالة الملف في المنتظمات الدولية بين مؤيد للمغرب و مبتز له لصالح مصالح بالمنطقة و بين تقارير دورية روتينية للأمم المتحدة لا تغير من الأمر شيئا سوى مناقشة مشروع الحكم الذاتي او محاولات إدراج حقوق الإنسان في الملف.
أما في الجهة الأخرى فقد عاد كثير من المؤسسين الى المغرب و مات الرئيس و دفن بالمنطقة العازلة في الخلاء معزولا .؛اطفال كوبا كبروا و بدل ان يكونوا سفراء الجبهة اداروا ظهورهم للخيام و عانقوا العالمية ؛ و زيارات متبادلة بين الأسر .
و وسط المخيمات بروز خط الشهيد و مظاهرات تطالب بالعيش الكريم و تضاءل عدد المساعدات ؛
و ديبلوماسيو الجبهة يعيشون في بحبوحة من الرزق في إسبانيا.
و عندنا في المغرب ظهرت لوبيات تجارة الحرب ؛و تحولت الإنتخابات الى (اومبالاج) لتعليب التواجد القبلي ؛فتحولت الصحراء الى بقرة حلوب لفئات على حساب أخرى؛
و وسط الصحراء الشاسعة و الأراضي كالقفار ؛ و مدنا مبنية فارغة ؛ومحلات تجارية في كل المدن مغلقة ؛تظهر دور الصفيح (!) و مواقع موبوءة بالجريمة و الإنحلال و عيش العوز و الوضعية المزرية ؛و التكدس في براريك و يتعلق الأمر بمن تم تسجيلهم من مدن الداخل في الإستفتاء أيام إدريس البصري ليتركوا هناك في عزلة عن المدن (!)
أمام هذا الوضع و غيره كثير من زوايا مختلفة جاءت الزيارة الملكية الأخيرة لتخلق قطيعة مع الزيارات الفلكلورية التي تكون مسكونة بتقديم صورة الصحراء للخارج أكثر منه لتحقيق التنمية المحلية ؛
زيارة أعطت إنطلاقة و توقيع إتفاقيات التنمية بالصحراء ؛ ومرت سنين تقترب من الخمسة و من حق الإعلام و البرلمان و ساكنة المنطقة و عموم الشعب أن يعرفوا و يواكبوا تنفيذ هذا المشروع الواعد.
ومن حق المقاولات المغربية المواطنة ان تعلن إستعدادها للإنخراط في إنجاز المشاريع ليس طمعا في الكعكة بل من زاوية دعم المشروع و الإنخراط فيه بكل مواطنة .
و بلا مزايدات او (تقطار الشمع) لنجعل من الصحراء مثل مسجد الحسن الثاني و نتطوع و ننخرط في تنزيل مشروع الصحراء ؛ و بأسلوب التطوع الحقيقي بدل فرض الإتاوات و القمع و السلب كما حدث في بناء المسجد ؛
و لتعمل الحكومة على تخصيص إعتمادات مع الحرص على التدبير الرشيد و الحكامة و النجاعة بدل المشاريع على الورق و نهب الخيرات و تفريغ الميزانيات من محتواها و تكريس هيمنة نخبة فاسدة و تكديس الاموال في حسابات فئة على حساب التنمية المحلية.
الصحراء بالنسبة لي كمهتم لم تعد تعني ماذا قالت الامم المتحدة ولا تزعجني بعض عربات من الجبهة تدخل الى المنطقة العازلة ؛و لا أحكاما إبتزازية من الإتحاد الأوربي ؛ و لا مناورات إفريقية تعود للحرب الباردة ؛ولا موقف أمريكي يتصاعد كلما حضروا حفنة أسلحة لبيعها للمغرب !!
الصحراء هي الإنسان هي المستقبل هي وقف سلوكات نفعية نبتت وسط تطورات الملف ؛
الحكم الذاتي و الجهوية المتقدمة و نزاهة الإنتخابات…. كل هذا قد يتحول الى شبيه المجلس الملكي الإستشاري لأقاليم الجنوب او شبيه هيئات أسست بلا مرودية ؛
و لكن الذي سيجعل كل هذا ناجعا هو تنزيل تنمية حقيقية و إستثمار العنصر البشري و العناية بالبنية التحتية و تثمين الخصوصيات المحلية …
بإختصار غيروا نظرتكم للصحراء كمنطقة نزاع او بقرة حلوب ؛ هناك أجيال تكبر و عقد إجتماعية تتصاعد و حان وقت التدارك و النجاعة و الحكامة …
غير ذلك ستبقى الصحراء نقمة على أهلها و على المغرب ؛ونعمة لأقلية إغتنت من الطرفين هنا و هناك ؛
و هذا والله لهو الخديعة الكبرى .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى