أقلام الوسيط

عفوا شباب بلادي، ظلمناك فأخجلتنا بكرم إنسانيتك

بقلم: مريم زينون

كم رددنا وراكمنا من صور وأحكام مغلوطة عن جيل شبابنا، كلمات وأوصاف تلاحقه في طريقة تفكيره، كلامه، لباسه، صور سوريالية وشطحات توصيفية ناقدة لأوضاع الخلل في طريقة عيشه، نعم انتقادات واتهامات لحد التخمة بكونه شباب عاص عن الامتثال لنصائح جيلنا والاتعاظ من عبر تجاربنا، وكأن الحكمة خزنت في عقولنا والنضج الأخلاقي موصوف لجيلنا نحن.

 لا يا سادة! مدائح الأسطورة الثقافية انتهت في عصر الرقمنة و التكنولوجيات، صحيح أن شبابنا يعيش إخفاقا في ترجمة قاموس تواصله الذي أصبح عبارة عن كلمات مقفلة وجوفاء، وصحيح أنه يعيش في زمن الشطحات الفكرية ، لا يعرف ثباتا على فكرأو استقرارا على رأي، ولكنه لم يمكن التغافل عن التطور المتفاوت بين الجيلين، جيل نشأ داخل زمن العلاقات الرحيمة الممتدة، وجيل ينشأ داخل منظومة الفردانية، لم نستوعب أن شبابنا صورة لزمن بات يتجاوزنا برهاناته العلمية ونظمه الرقمية و لأن الوعي بالتحول الرقمي ليس حاصلا بالحد أو المستوى المطلوب الذي يجعلنا نعترف بواقع الإخفاق في الاحتواء وامتصاص النقمة لمواكبة شبابنا ومسايرة أحلامه، لم نحاول التنازل عن عرش كبريائنا في محاولة الحفاظ على مد الجسور بين الجيلين عوض التعارض، لعل موضع الإشكال في الموضوع أننا أغفلنا القاعدة التي تقول مالا يدرك كله لا يترك بعضه، وهي إن كان شبابنا ليس بنسخة من جيلنا فهو وريث لقيمنا ومنتوج بيئتنا الاجتماعية، هو عنوان تاريخنا كمغاربة، وما نراه من مظاهر العطب في شبابنا ليست إلا أزمة أنماط فكر وافد عبر عوالم افتراضية يتسع معها التفاوت في التواصل والتلاقح في الفكر وصناعة القرار.

ولعل أهم درس رفع به شبابنا المغربي الغطاء عن قمقم التنميط الذي وضعناه فيه، هو مواقفه الدالة على أصالة انتسابه وتجدر انتماءه لتاريخ مغاربة هذا الوطن أمازيغا وعربا، مسلمين كانوا أو يهودا.

مظاهر الإخلاص والوفاء الإنساني التي أخجلنا بها شبابنا المغربي ترجموا من خلالها للعالم ما عجز الغرب عن فهمه في أول بحوث علم الاجتماع لعبد الرحمان بن خلدون حول كرم المغاربة ” مقدمة ابن خلدون ” شبابنا أعاد تلخيص تاريخ المغاربة الفاتحين والصالحين الشرفاء الذين وهبوا أنفسهم لنصرة المظلوم ونجدة المكلوم وإكرام المحروم. عسكريين كانوا أو مدنيين في النكبات هم قدوة في الوطنية، مخزون من القيم الإنسانية خلفا عن سلف..

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى