لا دولة مواطنة بدون جهوية ديمقراطية
بقلم : ذة مريم زينون
لا اعتراض على الدعوة إلى الجهوية المتقدمة المؤسسة لحركة التطور الاجتماعي من أجل بناء كيان الدولة الحداثية إذا كانت بعيدة عن النزعة السياسوية وتعبر فعليا عن إرادة حقيقية في النهوض بالتنمية، ودون ذلك ستظل مجرد مشروع وهمي .. ولعل أهم ما يمكن أن يترجم شرعية الديمقراطية في الجهوية هي المساواة كتعاقد بين الدولة والمواطن في التنمية الاقتصادية والمجالية وفق نظام تتوزع فيه الحقوق بحسب الأهلية والكفاءة وإلا قد يكون الحديث هنا عن حداثة خاطئة، وقد يكون من المفيد الحديث عن جهوية متقدمة كخيار استراتيجي في بناء الدولة المغربية الحديثة ولكن بعيدا عن الولاءات التقليدية للنخب السياسوية والسلطة والمصالح الحزبية على حساب مصالح الشعب، خصوصا إذا كانت مواقع التدبير الجهوي خارج طائلة أي مراجعة أو محاسبة قانونية، معنى ذلك أن الجهوية المتقدمة إذا كانت قائمة على سياسة السيطرة السياسية والاختزالية الطبقية فهي لا تعد مدخلا حقيقيا لشرعية الانتقال الديمقراطي بقدر ما تكون مجرد رهان سياسي .. والذين يتعامون عن هذه الحقيقة عليهم الاعتراف بالتفاوت المجالي والطبقي في المجتمع المغربي وأنهم بصفقاتهم السياسوية لم ينتجوا سوى تضخما في مؤشرات الفقر والتفاوت بسياسات الظلم والتهميش داخل بنية التفاضلية و التراتبية العرقية فضلا عن تجاهلهم لأحوال المجتمع و ما أصبح يشوبه من إخفاقات تنموية بسبب انسداد الأفق السياسي و لا سيما في ظل احتواء المعارضة وتغييب دورها كآلية شرعية في كبح التسلطية والاستبداد السياسيين، وإذا كان البعض يعتقد بوهم تحرير الاقتصاد في إطار الجهوية المتقدمة واللاتمركز فقط من خلال التدبير الجهوي المستقل فتلك مهمة لا يمكن أن تكون مرتبطة بتحرير المجتمع من النخبوية إلا بإشراك جميع الفاعلين التنمويين بصرف النظر عن مواقعهم أو انتماءاتهم الحزبية أو العرقية بتقديم الأسبقية لمن يبدع في مجال تخصصه مادام الهدف موجه نحو الواقع المراد تغييره …