أقلام الوسيط

إصلاح طال انتظاره

 

مند فترة داهمت حياتنا وسيطرت عليها ، موجة عاتية من الفوضى الفكرية والتفاهة غير المسبوقة . وقد بلغت هذه الموجة اعلى مستوياتها ، في الآونة الأخيرة ،لترسخ وجودها في شبه غياب لقواعد الرقابة والمنع وتفعيل القانون ، الا في حالات محدودة ، لتنتج قيما وأنماط سلوك غريبة عن مجتمعنا . أصبحت معها فئات كبيرة منا تعاملها بقدر كبير من الإعتياد الخطر ، وأصبح عموم المتلقين يعتقدون فعلا ، أن هذه القيم وأنماط السلوك هي تطبيقات صحيحة وممارسات سليمة ، وحتى القلة من مثقفينا التي أدركت خطرها ، أضحت تجد لبعض هذه الممارسات تبريرا مشروعا ،باسم الحرية واصبحت تميل للتسامح مع ناشري التفاهة وصانعي محتواها ، بمقياس غير مفهوم من التسامح الذي لا يستساغ ولا يجوز .

انها موجة مشوهة لحرية التعبير والرأي ولقيم المجتمع المغربي ، تهدد مقومات الحرية ذاتها ومقومات الفكر بل ومقومات الوطن بأكمله ، وباتت تستدعي مواجهة حاسمة من النخبة الفكرية والثقافية التي تدرك خطرها ، او التي يفترض فيا ان تتصدى لهذه الموجة الهدامة لكل مقومات ثقافتنا الوطنية .
لا غرابة وأمام تسونامي التفاهة الذي اصاب كل شيئ جميل في ثقافتنا ،هذا السرطان الخبيت التي اتى على المسرح والسينما والتلفزة كما الاداعة واللائحة طويلة ،حتى أصابنا الغتيان من هذا الكم الهائل من محتويات فاسدة اصبحث تعج بها مختلف وسائل التواصل الاجتماعي .
بالمقابل غاب المفكر والمثقف عن العديد من البرامج كما غيب الفنان الملتزم عن العديد من الأنشطة الفنية المختلفة إلا ما رحم ربك .
امام هذا الزلزال العنيف الذي اصاب قيم المجتمع تبين لشرائح كبيرة من الشعب المغربي أن من هم أولى بإيجاد حلول مستعجلة وتنزيل قرارات حاسمة لمعالجة الازمات المختلفة والدفع بإصلاح حقيقي وجدري ظلوا صامتين وكأن بآذانهم وقرا.
رياح فساد تهب هنا وهناك دون سابق إنذار، و تتغلغل كالمرض الخبيت ، ينهش صمود شعب يسعى جاهدا لتجاوز كل الصعاب ، شعب فئاته العريضة تعاني اليوم في صمت وغدا علمه في الأقدار.
لا غرو أننا اليوم أصبحنا مطالبين بمراجعة العديد من الاختيارات ، يكون فيها محاربة الفساد أولوية الشعب والمؤسسات ، بنهج سياسة مسح الطاولة raser la table واعادة الحسابات بدقة ، وبمعادلة يكون محورها ورقمها الصعب المواطن المغلوب على أمره أمام تضخم وعجز إقتصادي غير مسبوق .

الاحساس بالظلم والحكرة ورفض كل قواعد السلوك واساليب الضبط الاجتماعي ، مع شعور الفرد بعدم وجود تكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية والانصاف ، أمر ما فتأت اصوات شرفاء هذا الوطن ، تتعالى ومن مختلف المنابر و شتى المناسبات ، للتنبيه والتوعية لآثارها الجانبية والخطيرة على السلم الإجتماعي .
التدهور النفسي و ارتفاع نسب الانتحار وحتى الإقدام على حرق الذات أساليب غربة عن مجتمعنا المغربي تصلنا من حين لآخر ومن هنا وهناك رغم بشاعة صورها .
فهل وصل الخطاب مسؤولينا المحترمين القابعين في مكاتبهم المكيفة ،بأن السيل وصل الزبى لما آلات اليه الأوضاع امام وجع الغلاء والفساد ؟… وجع نعاني منه جميعا ، لكن وجعك وطني أشد .

ذ/ الحسين بكار السباعي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى