أقلام الوسيطمنوعات

الرئيس الجزائري أمام ممثلي الشعب :( لن أتخلّى عن الصحراء الغربيّة)

السيد  عبد المجيد تبون :

صدّقني  السيْد الرئيس  حين أخبركم بأني خصصت كل هذا  الصباح أترقّب خطابكم التاريخي كما عنونته كل صحف بلادك بقبة البرلمان الجزائري باعتبارك ثاني رئيس جزائري بعد المقبور هواري بومدين ( بوخروبة)… وكم كانت الصّدمة قويّة وغير مفهومة أن لايتمّ نقل خطابكم التاريخي بشكل مباشر لعموم المواطنين والمهتمين بالشأن المغاربي والاقليمي..وقد تكون بهذا الموقف أول رئيس في العالم تحجب مداخلته عن العموم وهو يستعرض حصيلة ولايته 

لذلك استعنت بقراءة رؤوس أقلام كما جاءت بأغلبية الجرائد الجرائرية هذا المساء التي طبّلت بهذا الفتح الإستثنائي بدولتكم 

ولاني لست جزائريا كي أجادلك في الجانب ذات الصلة بالشأن الداخلي لدولتك فالأمر لا يعنيني بالمرّة بقدر لم يفاجئني أيضا أن تعرج كعادتك للحديث عن صحرائنا المغربية بقطعك وعداً أمام ممثلي الشعب الجزائري قائلاً :

(  أمّا الصحراء الغربية لن أتخلّى عنها)

لا أعرف لماذا جاءني هذا التصريح بصيغة وعد انتخابي لعهدتك الثانية خاصة وانت تربط ذلك بتواجدكم داخل تشكيلة مجلس الأمن بصفة عضو الغير دائم.. تنتظر من الشعب التصويت عليك لاسترجاع الصحراء الغربية كأنّها جزء من الأراضي الجزائرية.. كما جاءت في هذه الصيغة التى تكشف عن النوايا الحقيقية منذ المقبور هواري بومدين وحلم الاطلالة الأطلسية.. 

نعم لأول مرة تغيب قضية الشعب الصحراوي وتقرير المصير.. وتحضر كلمة الصحراء الغربية بشكل مباشر.. وان لم تصل بعد إلى جرأة المقبور بوتفليقة الذي طالب يوما تقسيم الصحراء بين المغرب والجزائر.. 

هي الخلاصة النهائية لهذا النزاع الذي افتعلتموه لمدة ربع قرن باختفائكم وراء ما يسمى بالقضايا العادلة للشعوب.. وتأسيس جمهورية وهميّة آخر من يعترف بها نظامكم السيد الرئيس وكدليل على ذلك

هو رفض  سلطات ميناء مستغانم بالجزائر ختم جواز سفر للدولة الصحراوية لممثلها  بجنيف  و طالبته بأن يُدلي بجواز ينتمي لقائمة الجوازات التي تعترفها بها منظمة الأمم المتحدة، رغم أن هذا  الجواز الصحراوي الوهمي يتم إصداره عن المطابع الرسمية الجزائرية و يخضع لمراقبة وزارة الخارجية الجزائرية. لكنّها ترفض استخدامه فوق ترابها و بمعابرها،لأن ذلك يعني ضمنيّاً  وجود دولة فوق ترابها وليس تجمع لاجئين محتجزين كما في الوثائق الأممية..

هي اللعبة مكشوفة.. وأجمل ما فيها – السيد الرئيس – هذا الإطمئنان العام على مستقبل صحرائنا وأفقها الأطلسي لكون وعدك الذي قطعته على نفسك أمام ممثلي الشعب الجزائري صادر عن رجل دولة موسوم بالفشل لكل وعوده الداخلية فكيف بالخارجية.. ولن تكون أمام ذكاء بوتفليقة و دهائه وبوخروبة وجبروته وحقده..

نحن مطمئنون من وعود عدائية اتجاه بلدي  لرئيس لا يعقل حتّى  ذاته حتّى يعرف بأن طيلة ولاية رئاسته غيّر أكثر من 100 وزير ووزير من بينهم خمس وزراء خارجية.. وهو نفس العدد الذي استقبلهم خلال أربعة أيام فقط  السيد ناصر بوريطة بمراكش الأسبوع الماضي..

لذلك أتساءل هل كان السيد عطاف حاضراً يتابع خطابك.. منتظراً بذلك  ردّة  فعله اتجاه هذا الوعد العدائي اتجاه بلدنا مع تصريحه قبل يومين وهو يأمل ذاك الحل السريع مع المغرب..

هي الجزائر الآن التي قال عنها لافرووف الوزير الروسي بأنها دولة لاهبة ولا تأثير ولاوزن إقليمي أودولي..ومايتماشى  بشكل غير مباشر ماجاء في إحدى خطب جلالته مؤخرا حين أكد أن الوضع مستقر جدّاً مع الجارة الشرقية..

فكيف يستطيع العاقل العادي أن يجد تفسيراً لهذا التناقض السافر بين وزير الخارجية ورئيسه حول العلاقة مع المغرب وهو يتابع عبر نفس شبكة الجزيرة ومع نفس المحاورة وخلال مدة تسعة أشهر فقط و الجزائر تنتقل من مرحلة اللاعودة مع المغرب كما صرح بذلك تبون.. ويأتي عطاف يبحث عن حل أسرع للتوتر مع المغرب.. ومساء اليوم يعود الرئيس ليؤكد عدم التخلى عن الصحراء الغربية..

ألسنا امام سوريالية دبلوماسية تستحق أن تدرس ضمن المعاهد المسرحية.. 

بلى..

أما خطاب العاطفة والتودد إلى الشعب المغربي السيد الرئيس والحديث عن حبك لنا فلا يعدو أن يكون الأمر لغة للاستهلاك لا غير.. وانت قد لطّخت يديك  قبل أشهر بدم مغاربة قتلوا غدرا فوق مياهك الإقليمية.. 

أما الصحراء المغربية ولالف مرّة هي قضية كل المغاربة أولاً وأخيراً وهي موكولة كأمانة الدفاع عنهاو استرجاعها مع بقية الثغور إلى عاهل البلاد بقوة روابط البيعة كحامي حمى الملة والدين والوطن.. 

وقد انتصرنا فيها بقوة لحمتنا وصمودنا ودم شهدائنا الذين تركنا هم في المسار التحريري منذ المسيرة الخضراء.. 

نحن اليوم في المسيرة الزرقاء بين طنجة المتوسطة إلى الداخلة الأطلسيّة.. كفضاء  نتسابق فيه إلى حشد الخيرات وتقاسهما مع بقية الشعوب الإفريقية الأوروبية الأمريكية.. 

بهذا الأفق الحضاري أعتقد بأن الصحراء المغربية هي التي تخلّت عنك وتجاوزت عجزك  بمئات الستين.. 

غير ذلك.. فخطابك هراء.. وزبد يذهب جفاء

يوسف غريب كاتب /صحافي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى