أقلام الوسيط

زلزال الأطلس يكذّب أرقام صندوق التنمية القرويّة

بهذا البلاغ الثاني  الصادر عن الديوان قبل قفل الاسبوع الثاني  من فاجعة زلزال الأطلس نكون بذلك  قد دخلنا مرحلة الإعمار وبهذه الرؤية الشمولية التي جاء بها البلاغ  كخارطة طريق تمتدّ على خمس سنوات بغلاف ماليّ ضخم يقارب 120 مليار درهم وبإرادة ملكية طموحة تتغيّأ  بفضل تضامننا  تحويل فاجعة الأطلس إلى منارة الأطلس إن شاء الله.. 

ونحن الآن  على مسافة من هذه الفاجعة نسترجع مشاهد الجماعات القروية المتضررة من الزلزال ليظهر للجميع أنّها كانت منكوبة قبله بسنوات وبهذا الحرمان  من حقها في التنمية المجالية حدّ النسيان والتجاهل 

مشاهد وصور لدواوير وقرى كأنّها خارج التاريخ في مغرب تي جي في.. ومدن وحواضر تضاهي مدنا أوربية.. وشبكة طرقية هي الاقوى في افريقيا..

مشاهد هذا المغرب الآخر  في الجبل جعلنا نستتتج ان بلدنا تسير بعجلتين غير متكافئتين يجعل توازنها الاجتماعي معرض للكثير من الخدوش و الارتدادات

ولعل خطاب جلالة الملك لسنة 2015 قد نبّه  إلى هذا الخلل المجالي والإنساني  وطالب حكومة بنكيران آنذاك النهوض بالعالم القروي تتأسّس بموجبه لحظتها صندوق التنمية القروية بقيمة 50 مليار درهم..

. هذا الصندوق – وبعد لغط كبير بين رئيس الحكومة السيد بنكيران ووزير الفلاحية السيد عزيز أخنوش  انتهى بهذا الأخير كآمر لصرفه وتدبير موارده..

هو الصندوق وهو على مشارف  نهايته بعد ثلاثة أشهر من الآن.. تقرأ في موقعة الرسمي بأن الهدف الرئيسي من إحداثه هو فكّ العزلة عن الجماعات القروية في كل المناطق المهمّشة وخاصّة المناطق الجبلية عبر شقّ الطّرق والمسالك وتجهيز منشئات  الولوج..

هذه اللغة الجميلة والوردية موجودة على الورق بل إن السيد رئيس الحكومة اليوم والوزيرالسابق على تدبير هذا الصندوق يعيد على مسامعنا هذه اللغة الرومانسية خلال ترؤسه  لأشغال الدورة العادية للجنة الوزارية الدائمة لتنمية المجال القروي والمناطق الجبلية يوم 8 يونيو 2023 مؤكداً  على أن

“بعد 6 سنوات من التنزيل الفعلي للرؤية الملكية، وبالنظر إلى حجم الإنجازات والتحسن الملموس لمؤشرات الولوجية في العالم القروي، يعتبر هذا البرنامج ناجحا”، مورداً أن “إنجازات البرنامج تحققت بفضل تضافر جهود جميع المتدخلين وطنيا ومحليا، واعتماد حكامة ناجعة ترتكز على البعد الترابي والالتقائية في التدخلات.. وو”

كنت أبحث عن هذا النجاح في وضعية الجماعات القروية 36 بالحوز و31 بشيشاوة.. و81 جماعة بتارودانت أكبر أقالبم المملكة عزلة وهشاشة وفقرا..

عن أيّ نجاح تتحدّث السيد رئيس الحكومة والقوات المسلّحة اضطرّت إلى إستعمال المروحيات والطائرات للوصول إلى بعض الدواوير ليس لان الطرق متضررة بفعل الزلزال بل لأنها غير موجودة أصلاً..

ولو ان رئيسنا انطلق من تحناوت نحو تارودانت لاكتشف حجم خطورة الطريق ليس لكونها مارة عبر ممرات جبلية ضيقة فحسب بل لافتقاد الكثير من المقاطع المعايير في حدّها الادنى من السلامة ناهيك عن مخاطر سقوط الأحجار الذي أصبح مألوفا لدى الساكنة وتعودت على إمكانياتها الذاتية دوماً

لو أن رئيسنا فعل ذلك لسحب كل ماقيل وقدم اعتذاره للشعب المغربي بعد ما فضح زلزال الأطلس أرقام هذا الصندوق كما هي متداولة في مواقع رسمية..

في نفس السياق وعلاقة ذلك بتارودانت أحد أقالبم جهة سوس ماسة والذي تضرر بشكل كبير نظرا لطابعه القروي إذ يعتبر أكبر أقالبم المملكة من حيث عدد الجماعات القروية ب81 جماعة حتى أن اللجنة المكلفة بإعداد النمودج التنموي الجديد افردت له حيّزا خاصا حيث فصلت بشكل جزئي معاناة الساكنة في التنقل لأجل مصالحهم المعاشية والإدارية

هذا الإقليم الذي لا يسمع عنه في دورات مجلس جهة سوس ماسة إلا حين يتعلق الأمر بصادرات الحوامض وسلاسل الزعفران وارگان ومنذ منتصف تسعينيات القرن الماضي وهذا المجلس المتوارث بين أفراد قيادات بلون سياسي واحد لن يستطيع أن يجيب اليوم عن تنفيذ إحدى اختصاصاته ذات الصلة التنمية القروية وفك العزلة عن المداشر والدواوير  بهذا الإقليم.. رغم تكرار النكبات آخرها فيضانات قبل ثلاث سنوات تقريبا..

إن زلزال الأطلس بقدر ما جعلنا نعتز ونفتخر بهذه اللحمة الوطنية وبسرعة الرد التي ابانت عليها  ومن كل الاطياف والمناطق عبر تجسيد قوي لقيم التضامن والتكفل وبهذه العقيدة المدنية –  العسكرية بقيادة جلالة الملك حفظة الله بقدر ما ندعو الله أن تصل هذه الإرتدادات ضمائر أغلبية بعض المسؤولين و المنتخبين المحترفين  للسياسة من أجل مصالحهم..

فلقد كان من الأجدر ان تسقط رؤوس الفساد والانتهازيبن في مراكز المسؤولية  وليس بحائط ينهى حياة أسرة في جبل لم تصله طريق ولا ماء ولا كهرباء… رغم ما تم تخصيصه من ميزانيات ضخمة منذ سنوات طويلة.. 

لكن اليوم واللحظة وبعد إعلان خارطة الطريق الملكية لإعادة إعمار منطقة الحوز الأقاليم المتضررة فإن اختيار الرجل المناسب / المؤسسة في أجرأة هذه الخريطة والإشراف عليها  أصبح مطلبا شعبيا حتى لا نعيد تجربة منارة المتوسط بإقليم الحسيمة

إذا ذاك سنستعد للاحتفال بمنارة الأطلس بعد خمس سنوات..

منارة تنير طريقنا نحو الأعلى بعد أن زاد علوها عن سطح البحر..

وذاك فأل حسن… وإن كان من رحم الفاجعة

مع تجديد الرحمة والمغفرة على شهدائنا وجبر الضرر والتشافي لمصابينا

يوسف غريب كاتب /صحافي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى