اللعب مع الكبار.. نهاية الشفافية حول ملف الصحراء !!
بقلم ذة: مريم زينون
في الوقت الذي فضل فيه أعداء الوحدة التشويش على استقرار المغرب وافتعال سيناريوهات اللصوصية انتصارا لسيادة وهمية، أعلنت الدولة المغربية عن حدث تاريخي يعتبر هو نقطة الوصول إلى إعلان السيادة الرسمية على أقاليمه الصحراوية سيادة ملازمة لتاريخ المغرب الحديث و جزء منه. حدث موصوف بالتفرد في الديبلوماسية المغربية لأنه تجاوز المنطوقات الغوغائية لأعداء الوحدة المغربية بدء من تشطيب معبر الكركرات في خطوة غير مسبوقة للقوات المسلحة الملكية حرقت على عجل مزاعم الأعداء بشكل مفاجئ وقطعي، بحيث تم طرح مشكل التجاوز الأمني فوق الأراضي الصحراوية طرحا جيدا أثبتت من خلاله الدولة المغربية بشكل مفاجئ ذروة سيادتها وأنها تحكم وتسود فوق أراضيها الصحراوية بتحقيق الفوز الباهر بانتزاع إقرار الولايات المتحدة الأمريكية بشرعية الصحراء المغربية، بل إنها تجعل هذا القرار يستمد تفرده من إصدارها وتوقيعها اتفاقية ثلاثية مع الحكومتين المغربية والإسرائيلية لإنشاء مؤسسات اقتصادية على نفس الأراضي الصحراوية المعترف بها وإعادة فتح قنوات التواصل المغربي الإسرائيلي لتشجيع اليهود المغاربة على السياحة والاستثمار في بلدهم الأصلي باعتبارهم جزء من مغاربة العالم. هذه الاتفاقية التي وصفها البعض من ذوي الخلفيات الأيديولوجية على أنها ملتقى الحتميات المستحيلة لكونها تجر نحو التطبيع مع الكيان الإسرائيلي أكثر مما هي انتصار لوحدة ترابية تحت مسمى، الزهد في التفكير، على أن الاتفاقية مشروطة باعتراف صادر عن قوة سياسية عظمى لا يمكن ردها،والحال أن واقع العقل يمكن أن يعبر عن ذاته بعيدا عن أحكام الصواب والخطأ في ما أقدمت عليه الدولة المغربية، فهو يستبعد خيانتها لالتزاماتها الشرعية في الدفاع عن قضية السلام الفلسطينية كضرورة مطلقة للحفاظ على مقدسات أراضيها على العكس من ذلك فموضوع الشفافية ذو أهمية رئيسية في الديبلوماسية المغربية وبعيدا عن كل أشكال التعتيم لكل الاستراتيجيات السياسية، الفلسطينيون كعرب منهم أيضا المسيحيون واليهود كما منهم المسلمون وهم جميعا يوحدهم الحق في السلم والكرامة الإنسانية بعيدا عن أي تصنيف، وكما أن الدولة المغربية تتوق لإنصاف مواطنيها من اليهود المغاربة بالحق في حرية اختيار العيش ضمن نظام أكثر استقرارا بوطنهم الأصلي، نفس المبتغى يتوق إليه المغرب على رأس لجنة القدس في تنسيق استراتيجي يبعث على تحرير الإنسانية عموما والإنسان العربي خصوصا في المنطقة العربية فلسطين بغض النظر عن الديانات، باعتبار القدس مدينة مقدسة عند أهل الديانات التوحيدية الثلاث، والواجب العمل على تحقيقه السلام العادل للجميع وبكل تأكيد الإسلام يرقى إلى التوحيد بين أهل هذه الديانات مادام يعترف بها ويعتبرها دينا منزلا. لذلك لاغرو إذا كانت الدولة المغربية استقبلت قرار الاعتراف بشرعية الصحراء المغربية بذكاء سياسي منفتح على مواكبة ازدهارها الاقتصادي بشكل منسجم مع مؤشرات النمو والتقدم وأيضا على إقامة التوازنات الدولية في توجيه مسار الاستقرار الأمني في طريق خدمة الإنسان لأخيه الإنسان، لأن الإسلام كل شيء فيه يدعو إلى الانفتاح وينبذ الضلالة العمياء،لذلك أهداف الديبلوماسية المغربية لا تتعارض مع مبدأ الإسلام بمد جسور التواصل بين الديانات بغض النظر عن الجنسية ولو أن استئناف العلاقة مع إسرائيل للسماح قانونيا ورسميا لليهود المغاربة بالعودة إلى وطنهم الأصلي وإن كانوا هجروه طوعا أو مهجرين منه غصبا فهم تشملهم قولة الملك الراحل الحسن الثاني طيب الله ثراه “إن الوطن غفور رحيم” لأنها لم تكن تقتصر على المنفصلين عن وحدة بلادهم فقط أو تميز المغاربة المسلمين عن اليهود من نفس الجنسية بل هي دعوة مفتوحة لكل من يحمل اسم ولون تراب هذا الوطن. وما يلزم التذكير به أن الدولة المغربية منذ كانت وهي قائمة على استقبال تصور التوحيد بين الديانات وكل الظروف الجغرافية والاقتصادية والثقافية بالمغرب كانت ملائمة لإقامة علاقات طيبة خصوصا بين اليهود والمسلمين، وقد ورد في حوار للملك الراحل الحسن الثاني مع الصحفي الفرنسي إيريك لوران أن والده المغفور له محمد الخامس ما فتئ يردد: “إن الأسرة المغربية كل لا يتجزأ ووحدة مقدسة فاليهود المغاربة حتى وإن أقاموا في بلاد بعيدة يظلون من جملة رعايانا ولهم علينا حق الرعاية والحماية “. وهكذا فكل وصف لقرار الدولة المغربية بإعادة استئناف العلاقة رسميا وعلنيا مع الدولة المحتضنة لرعاياها المغاربة وإن كانوا يهودا لا تعد تطبيعا وإنما حق في الحماية بموجب القاعدة الجوهرية للإسلام ،فكل تحليل منعزل عن خاصية التوحيد التي جاء بها الإسلام يعد موضة أيديولوجية مصطلحية تتغذى من غموض كل القيم المفرغة من جوهرها فكما الإسلام بريء ممن يرتكبون جرائم الإرهاب باسمه فكذلك موسى بريء ممن يقتلون في فلسطين باسمه، جرائم الإنسانية لا يرتكبها إلا أعداء الإنسانية أما أعداء الدين فهم أعداء لأنفسهم لأنهم يقتاتون من فتات جهلهم المركب بأن الإسلام وضع على قانون إنساني مبني على مفهوم العهد منذ عهد الرسول (ص) ومن لا عهد له لا إيمان له لذلك فروح الإسلام لدى عاهل البلاد بصفته أمير المؤمنين لن تستسيغ مفهوم رئاسة لجنة القدس دون الالتزام بعهد التوحيد القرآني وتشجيع كل أشكال السلام لصالح القضية الفلسطينية..
(..وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ،ثم أبلغه
مأمنه،ذلك بأنهم قوم لا يعلمون ) صدق الله العظيم .سورة التوبة آية 6