خطاب العرش : هل ستقود كورونا التغيير الاجتماعي بثورة سياسية عاصفة ؟
بقلم ذة: مريم زينون
تكفي الإشارة إلى التأثير العظيم الذي طبعه مضمون الخطاب الملكي لذكرى عيد العرش 29 يوليو 2020 على غالبية العقول المفكرة لاستنتاج ملامح الإجابة على مجموعة من التساؤلات المقلقة في علاقتها بالتغيرات المتعبة التي فرضتها فترة الحجر الصحي لكوفيد 19 وتأثيرها السلبي على كافة الطبقات الاجتماعية بالمغرب ،هذه التجربة كما جاءت في الخطاب الملكي أسست لديناميكية جماعية في التحدي نابعة من مستويين في الوقت نفسه وهما الإنساني والوطني ،الأول يتمثل في التكافل الإنساني الذي يطبع روح المغاربة ،والثاني متمثل في روح المواطنة التي تفسر ديناميتهم كجماعات واعية لدورها في تحصين هذا الوطن. من المهم أن نشير أن فيزيولوجيا المجتمع المغربي لا تستطيع انتظار هزات اجتماعية أخرى كالتي عرت عنها ظرفية الجائحة لكي نقوم بتحليل الأوضاع الاجتماعية المعقدة في الواقع المجتمعي لأكبر عدد ممكن من المواطنين المغاربة والذين بدؤوا يشكلون جماعات واعية لدورها في منظومة الإنتاج الاقتصادي ،الذي بات مهددا لنظام الدولة أفرادا ومؤسسات ،لقد بات من الواضح أن العلاقة بين الدولة والمجتمع الاقتصادي تابعة للمواطن كمنتج ومستهلك في آن واحد وهذه الفكرة ترجمت الحدس المذهل لجلالة الملك في التخطيط لاستراتيجية الارتقاء بالمواطن المغربي من خلال الاهتمام بالشأن الاجتماعي بإعادة ترتيب الأولويات وذلك في استقلالية تامة عن سياسات ترسيم الفوارق بين القطاعات المهيكلة أوغير المهيكلة من خلال إصلاح شامل للقطاع العام، إصلاح يضع في أولوياته تغطية صحة المواطن وتحصين حياته الاجتماعية مع إقامة جسور بين الحماية الاجتماعية والاقتصادية لضمان تنمية حقيقية ولتحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية ،ولكن هل هذه الجهود الرامية إلى إنصاف المواطن عبر الحتمية التي كشفت عنها اختلالات التدبير السياسي النظامي بالبلاد ستعمل على صنع ماهية مشتركة بين الفاعلين السياسيين والاجتماعيين كما دعى لذلك جلالة الملك للسير جنبا إلى جنب من أجل المصلحة الجماعية للوطن والمواطن؟ أم أنها ستجد عوائق حتمية بسبب التجاذبات السياسية التقليدية كعادتها ؟ صحيح أن التجربة الجماعية للمغاربة في فترة الوباء هي دراما يعيشها كل مجتمع طالته الجائحة لكن لا نستطيع أن ننسى أن التجربة الجماعية هي نفسها الحالة الاجتماعية القاهرة والمستمرة على المواجهة في جميع المستويات، لذلك يمكن القول أن مزاج المجتمع الذي أصبحت تسيطر عليه ثنائية الموت والعمل لن يعود قابلا للخضوع لسياسة المزايدات الحزبية التي تعبر عن نفسها في ممارسة الفروسية العنترية بالشعارات الفضفاضة الكامنة وراء مقولة ” أنا ومن بعدي الطوفان” لم تجد لنفسها مكانا بعد الدعوة الملكية لترسيخ الحس التضامني المرتكز على قيم النزاهة ،الشفافية،الحق،الإنصاف والتي ستقود لامحالة عبر حتمية تاريخية إلى عاصفة سياسية للفصل مع كل الأشكال البعيدة عن تاريخ المغرب وزمن محنته في نفس الوقت ..