أقلام الوسيط

الواجب وعلاقته بالضمير الأخلاقي

اٍن التناول الفلسفي لمفهوم الواجب لا يمكن أن يطرح اٍلا كإشكالية أخلاقية في ارتباطه بالضمير الأخلاقي، لكن السؤال المطروح هل وجود الضمير الأخلاقي كاف لضمان حسن أداء الواجب بعيدا عن أية مصلحة فردية أو جماعية؟
أكيد أن الواجب يرتبط بالمسؤولية الفردية وبوعي الفرد بالتزاماته ضمن الجماعة أو المؤسسة الاجتماعية المحتضنة لجميع ممارساته الأخلاقية أو المهنية كموظف الا أنه يظل نسبيا لارتباطه بالبنية النفسية والظروف الاجتماعية للشخص حيث تتحكم مكونات البيئة الشخصية والإجتماعية في درجة تفاوت حسن أداء الواجب من شخص اٍلى آخر وفي درجة إلزاميته أو اهماله حيث يرى عالم الاجتماع الفرنسي اٍيميل دوركايم على أن الواجب لا يمكن أن يتحقق لمجرد أنه اٍلزام أخلاقي فقط بل يجب أن يرتبط بغاية أخلاقية تشجع على القيام به فهو يعتبر الواجب مشروط ليس فقط بالرغبة فيه بل أيضا بالنتيجة المتوخاة منه، فالخير والواجب متداخلان. وهكذا يتعين علينا ربط الواجب بالرغبة داخل الاٍلزام الأخلاقي فكلما كان يبدو خيرا وجيدا اٍلا وحرك الأمل في القيام به دون تقاعس أو ملل نفسي بل اٍنجاز الواجب كفعل أخلاقي يتحول اٍلى نشوة وارتياح عند ممارسته فقط لأنه واجب، اٍذن بالنسبة لدوركايم وجود الضمير غير كاف بل لابد من التحفيز والتحبيب في العمل لتقوية الرغبة في اٍنجازه قبل التفكير فيه كواجب .
في حين يعتبر المحلل النفساني فرويد أن الضمير الأخلاقي وظيفته مراقبة أفعال ومقاصد الأنا الفردية بحيث يشبه الضمير الأخلاقي بهيئة قضائية يسميها الأنا الأعلى والتي تمارس سلطة عليا على الأنا الفردية مما ينمي عندها الاٍحساس بالذنب نتيجة القلق النفسي الذي تشعر به الذات أمام سلطة خارجية تمارس عليها عنف رمزي بسبب المراقبة المستمرة والنقد الهدام مما يحول التوتر لديها اٍلى صراع أو أزمة داخلية بين الحاجة اٍلى اٍنجاز الواجب وبين الميل اٍلى العدوانية اتجاه الجماعة التي تمثل سلطة المراقبة أو المحيط الاٍجتماعي بشكل عام.
وقد يذهب بعض الفلاسفة مثل ماكس فيبر إلى أن الواجب يرتبط بالٍاقتناع بمدى أهميته ونجاعته وفق مبادئ أخلاقية تقليدية ترتبط بالقدرية بأن يفعل الفرد واجبه ويتوكل على الله ليضع المسؤولية على المحددات الخارجية للفعل الأخلاقي المرتكز على مشيئة الله فيكون بالتالي حسن أداء الواجب مرتبط بضرورة العمل على تقوية شعلة الاٍيمان والعقيدة التي لا يمكن أن تكون اٍلا اٍذا كانت مرتبطة بمدى اقتناعه بالقيام بواجبه كواجب ديني سواء ارتبط بالإلزام أو الاٍختيار .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى