“تستاهل ما احسن”..حلم تطاير أمام احتجاجات المواطنين
بقلم :ذة مريم زينون
إذا كانت هناك حاجة ماسة إلى الإصلاح داخل المشهد السياسي في المغرب فلأن هناك أشياء حقيقية تتطلب التنمية وتهدد بتدني مستوى العيش لدى المواطن المغربي بشكل عام مع تجميد الأجور والرفع من الضرائب وارتفاع الأسعار، بعد تأخر طويل داخل المشهد السياسي وإخفاقات عديدة في تحسين مستوى الدخل الفردي والرفع من القدرة الشرائية. الأمر الذي لم يكن يتعارض مع مشروع حكومة الأغلبية التي بمجيئها أضفت على الأفق السياسي المغربي دلالة الانفتاح على متطلبات الحداثة والتغيير انطلاقا من معاينة الواقع الاجتماعي للطبقات الكادحة داخل مقاربة تقوم على مراجعة الفوارق الاجتماعية والاقتصادية تحت شعار ” تستاهل ما احسن” بغض النظر عن الضمانات المقدمة.
صحيح أن الظرفية الحالية لكوفيد 19 شاهدة على حجم الأزمة الاقتصادية العالمية وعمق مداها خصوصا في الدول النامية إذ لم يكن المغرب بمنأى عن هذا المصير، لكن حكومة ” الحلم المجهض” بطابعها النخبوي وبكلمتها السحرية التي اعتبرها المغاربة صالحة فقط كشعار لحملة انتخابية أكثر ما اعتبروها مدخلا للإصلاح، وحيث أبانت الحكومة بصمتها وغياب الإعلان عن أي استراتيجية حكومية لتدبير أزمة الغلاء على أن احتمالات نجاحها في إقناع الرأي العام بأنها الأنسب للمشهد السياسي المغربي ستكون شبه منعدمة لاسيما وأن المرحلة بدأت تعرف توثرا شعبيا ينطوي على احتجاجات وردود أفعال جماهيرية محتملة من أجل إسماع صوتهم أمام مماطلة رئيس الحكومة في الوفاء بوعوده السياسية، خصوصا بعد الانحرافات الخطيرة في البرنامج الحكومي بسبب ارتفاع أسعار المحروقات والمواد الغذائية الأساسية وتراجع الخدمات الاجتماعية في مقدمتها الصحة العمومية.
والجدير بالذكر أن السياق السابق للتدبير الحكومي كان محملا بالأخطاء والإجحاف الكبير في حق المواطن المغربي باستغلال البلاد وخيراتها استغلالا ماديا، الشيء الذي جعل الأمل في التغيير مطلبا وحلما شرعيا لجميع المغاربة رغم أن السجل الديماغوجي للسياسيين والمنتخبين لم يعد ينطلي عليهم. ولأن المغاربة يحسنون التمييز بين حقيقتهم الاجتماعية والحقيقة السياسية خاصة لأولئك الذين ينتهزون كل الفرص لانتهاك حقوقهم، فإنهم يجرؤون على أخذ مطالبهم مأخذ الجد والتوجه مباشرة في خطابهم إلى الملك للتعبير عن هذه المطالب، ليس تعنتا أو تمردا، بل لأن شرعية الثقة بين الشعب والمؤسسة الملكية مترسخة ومتجددة بالتوازي إزاء كل تبعثر في الفعل الاجتماعي أو إخفاق في كل إصلاح ديموقراطي على صعيد الحقل السياسي، وهذا ما ترجمته احتجاجات الشارع العام الذي انتقد الشعار الباهت غير المنتج لرئيس حكومة الأغلبية باعتباره مجرد تمويه من أجل بسط هيمنته الاقتصادية المطلقة في ضرب سافر لأبسط حقوق العيش الكريم للمواطن البسيط الذي وجد نفسه أمام أزمة الغلاء في انكسار كبير، اختار معه الخروج للشارع والاستنجاد بأعلى سلطة في البلاد..