أقلام الوسيط

الانبعاث الديبلوماسي الدولي كمشروع للملك محمد السادس

بقلم : مريم زينون

 الدفع بمشروع الوحدة الترابية للمغرب من الزاوية الرسمية، لم يكن الهدف منه فقط استرجاع الأراضي الصحراوية المغربية المحتلة بل أيضا إعادة الاعتبار للكيان المغربي كشعب واحد منصهر داخل وحدة مندمجة وقوية بمكوناتها المتعددة، وكل من ينخرط في هذا المشروع بقناعة ثابتة وعميقة من أجل بناء ديموقراطية اجتماعية وجيوسياسية لا يمكن أن يكون إلا مغربيا، فلاغرابة إذا كان قوام الدولة يتأسس على التوحيد الترابي والجغرافي بعودة القبائل المغربية الصحراوية إلى أصولها التي تكالبت عليها أطماع المستعمر بهدف فرض هيمنته وسيطرته على بلاد المغرب ، فليس يخفى على العالم برمته الشرعية التاريخية للانتماء إلى مملكة الدين الضاربة في عمق التاريخ التي يعتز بها الشعب المغربي من شماله إلى أقصى جنوبه، كنظام سياسي متكامل قوامه بناء شرعية السلطة السياسية على الدين، إذ يمكن القول بقدر كبير من الوثوق أن التداخل في وعي المغاربة بين دينهم كأمة إسلامية ونظامهم كدولة قائمة على الملكية يلعب دورا في إدراكهم بأن السياسة داخل دولة إمارة المؤمنين حينما تجتمع فيها سلطة الدين وشرعية العقيدة الإسلامية يكون الجوهر فيها تغليب المصلحة الفضلى لحقوق الإنسان الدستورية والدينية في التعايش السلمي والتسامح الديني، وليس صدفة أن مشروع السيادة المغربية ينزع إلى تجاهل القطيعة الدينية بين الأديان داخل توازن تام بين السلطة السياسية والدينية من خلال تجديد العلاقات الديبلوماسية مع إسرائيل للاقتناع المشترك بين النظامين بأن الاعتراف بمغربية الصحراء كاف كي ينجب الديمقراطية كقاعدة للوحدة الترابية وإجلاء كل المناورات الكيدية الطامحة إلى زحزحة الأمن القومي وليس فقط الوطني من طرف تكتلات سياسية خارجية لم تستبطن بعد فكرة الدولة في نسيجها الثقافي ولا النفسي، لكونها تعيش فجوة حضارية بعقيدة النقد والاعتراض على أي تطور حداثي بالدولة الجارة المغرب.

ما يبذله المغرب من أجل توطيد دعائم الأمن داخل وحدته الترابية لا يقل أهمية عن تفانيه في الدفاع عن القضية الفلسطينية لدى الرأي العام العالمي ولدى صناع القرار الدولي من أعلى المنابر من أجل الإنسية المغربية العربية الإسلامية، على اعتبار أن مسؤولية أمير المؤمنين في الحفاظ على الثوابت الدينية بالمملكة المغربية لا يستقيم مدلولها العملي إن لم تكن مرتبطة بغاية حماية المقدسات الإسلامية، وعملا بهذه الروح تجد الملك محمد السادس بصفته أميرا للمؤمنين ورئيسا للجنة القدس يتحمل المسؤولية بنوعيها ، وكان أكثرها النوع الثاني، وقد كتب له أن يمارس فيها مسؤولية الحكم الشامل لاسيما في الظروف الراهنة التي باتت تتطلب المزاوجة بين السيادة السياسية، بالحفاظ على حق الشعوب في إقرار السيادة الذاتية التي تخدم بشكل مباشر أو غير مباشر السياسة الخارجية لدول أخرى والتي بدأت تحدو حدو المغرب، وبين السيادة الملكية لدولة علوية شريفة ضاربة جذورها في النسب الشريف للبيت المحمدي..

ومن المفيد أن نذكر أن الملك محمد السادس قد تبنى استراتيجية التوفيق بين الدين والدولة في الإسلام عملا بالقاعدة الفقهية العامة التي تقر بأن مصلحة الدولة وشؤونها من الأولويات القصدية ، وهو ما استدعى إقرار خيار إسرائيل بالاعتراف بمغربية الصحراء قرارا متبصرا وخيارا صائبا نحو إعادة بناء مفهوم السلام في الوطن العربي والعالمي خارج فرضية العنف والحرب..

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى