أسود الأطلس :شباب كتبوا سيرة المجد الكروي للمغرب داخل ملحمة وطنية
بقلم : مريم زينون
طيلة عقود من الزمان، تأكد لنا بحكم الأمر الواقع أن البقايا الثقافية للاستعمار هي عقبات جامدة في تقدم المغرب على النحو الذي يجعله متحررا من مربع دول العالم الثالث، رغم الأفق الجميل المفتوح أمامه بكل تطوراته و إنجازاته التاريخية المواكبة لمتطلبات الحداثة الحاملة للتقدم، إذ ليس من المستغرب أن يعيش المغرب وتيرة سباق حضاري وتنافس جيوسياسي في فترات تأرجح بسبب الصدمة المتجددة من طرف أعداء التغيير و حق المغرب في بناء ديمقراطيته الحقيقية ، رغم الأحقاد الخارجية المقنعة الناتجة عن بقايا الاستعمار بمحاولات خلق التفرقة بين مكونات الشعب المغربي ،إلا أن فرصة مونديال قطر 2022 لكرة القدم أظهرت قوة المغرب بوحدة مكوناته المختلفة عربا وأمازيغا ويهودا مغاربة ككيان موحد لتقديم الولاء لتاريخ حضاري أصيل أحيى مجده وكتب عنوان ملحمته الوطنية أبطال المنتخب الوطني “أسود الأطلس” بمسؤولية عظيمة موشومة بتضحيات إنسانية من أجل راية الوطن ، أسود أشعلت في المغاربة روح المواطنة وأذكت لديهم الإحساس بالتراحم وأثبتت أنها لا يمكن أن تكون غير مغربية- بعيدا عن كل الألقاب – بكل قيمها وأخلاقياتها، في الوقت الذي سقطت فيه أسود إفريقية أخرى من أبناء جلدتنا ، داخل بوتقة الاستعمار الرمزي ليستخرج منهم صورة الغريم الخصم لتنفيذ خطته الهادمة – مواجهة المغاربيين بالمغاربيين والإفريقيين من شمال إفريقيا بإفريقيين من جنوب إفريقيا- خطة الغرب الانتهازي الذي يأخذ ويعيد عرض ما أخذه على مقاييس سياسته، وبما أن الشيء بالشيء يذكر، فمقابلة الدور نصف نهائي للمنتخب المغربي أمام نظيره الفرنسي في مونديال قطر لم تكن في عمقها إلا مقابلة إفريقية بامتياز ، مقابلة تعلو عن المقارنات سوى أن المغرب هو الفائز الحقيقي بإبراز صورته الحقيقية في القوة المعنوية والشموخ الأخلاقي لشباب وطنيين صادقين برهنوا عن حب الوطن والتفاني في صناعة تاريخه الكروي و إبراز معالم هويته الوطنية، في الوقت الذي تتباها فيه فرنسا بالفوز بأقدام إفريقية مستعارة، فوز ينسب في عمقه الجيو سياسي لإفريقيا وليس لأوروبا، مما ينزع عنها سيادة الانتصار الحقيقي.
لقد نجح منتخب الأسود المغربي في جعل المغرب يعيش مرحلة تاريخية جديدة في كرة القدم وقع فيها تجاوز كبير في عدة واجهات بأبعاد حضارية ودينية بل جعلها ملحمة أممية بانصهار الشعوب والدول داخل اتحاد ينخرط في دينامية نضال مشترك يخدم السلام العربي والإسلامي، ملحمة كان جمهورها شعب واع مؤمن بشبابه ومتحمس بقيادة ملكه.
شكرا منتخب الأسود لن يغيب عن ذهننا أنكم يوما صنعتم فرحتنا
وأذكيتم فينا روح الوطنية…