ذ. محسن الأكرمين…..بلاغ وزارة التربية الوطنية الخفي منه….
بإعلان وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي الصيغة المرتبة للدخول المدرسي( 2020 /2021). تكون الوزارة قد أوقفت جدالا متناميا حول المخاطرة بدخول مدرسي في وضعية وبائية مقلقة والتي تتزايد بمتتالية التثنية في أعداد الإصابات والفتك والمخالطين. تكون الوزارة قد قررت مرة ثانية مجابهة الوباء باعتماد صيغة (التعليم عن بعد) كمنزلة بين المنزلتين في وضعيات الاستثناء وتسكين الداء، مع خلق فسح مساحة ذكية (بقيمة قرار قانوني) تحلل إمكانية توفير (التعليم الحضوري) للمتعلمين بشروط دقيقة والتزامات مسبقة مصادق عليها من قبل أولياء الأمور.
قد نتفق مع قرار وزارة التربية الوطنية في اعتماد (التعليم عن بعد) كصيغة تربوية بدليلة ولو غير عادلة (لسد ما سد خبر التعليم الحضوري) في بداية الموسم الدراسي (7شتنبر) ” لجميع الأسلاك والمستويات، بكافة المؤسسات التعليمية العمومية والخصوصية ومدارس البعثات الأجنبية…”، لكن ما يفهم من صيغة (التعليم الحضوري) أن هذا الاستثناء جاء إما لمغازلة المؤسسات الخصوصية ومدارس البعثات الأجنبية، أو في سياق إتباع موجهات الدولة في الحفاظ على دوران العجلة الاقتصادية والتشغيل، أو حتى سدا لشكاوي المؤسسات الخصوصية المتزايدة. فبدون مزايدات نقول: أن جل المؤسسات الخصوصية ستتبنى صيغة (التعليم الحضوري) وتعلن أنها ستعمل بصيغة التفويج، وأنها ستوفر (الأمن الصحي) و (التباعد الجسدي) للتلاميذ من خلال إجراءات العوازل الزجاجية…وما على ولي أمر التلميذ إلا أن يصادق على التزامه، ويتحمل مسؤولياته، ويؤدي واجباته الشهرية.
حقيقة ستبقى المدرسة العمومية قاب قوسين من الفوضى(7شتنبر)، ومن القرارات الارتجال، بين من يبتغي داخلها (التعليم عن بعد) وبين من يريد (تعليما حضوريا) ويتحدى الوباء !! فوضى ستدخل المؤسسات العمومية في دوامة احتسابات جداول الحصص والمواد الأساسية ذات الأولوية، وإشكالية التوزيع و سند الحضور. فوضى الثلث ويزيد من الأسر تبتغي (التعليم الحضوري) وما تبقى يكتفي بصيغة (التعليم عن بعد). فوضى حين تسقط المؤسسات العمومية في التوفيق بين اختيارات الأسر وتحمل مسؤولية الحفاظ على الأمن الصحي للتلاميذ. هنا القول: سيبقى تدبير المؤسسات العمومية (تالف) بين الصيغ المثلى للتطبيق وإكراهات الواقع المختزل بالصمت، وكيفية تنزيل كل صيغة بحدود الجودة الدنيا وتكافؤ الفرص !!
من الخوف الذي علمنا التاريخ إياه، تلك القرارات المتسرعة وغير المستوفية بالجرد لكل خبايا المخاطر المفزعة الآتية من بعض المؤشرات المفرحة (الإجراءات الاحترازية غير الدقيقة). من الخوف الحاضر في ظل الوضعية الحالية لثورة ذروة الوباء أن يكون القرار يتوجه نحو خلق بؤر تعليمية تضرب الشغيلة التعليمية والتلاميذ وحتى المرتفقين، وما أدراك ما حجم المخالطين حينذاك !! فرغم أن البلاغ حمل رؤية الحفاظ “على صحة وسلامة هؤلاء التلاميذ والأطر التربوية والإدارية… بتوفير الظروف الملائمة من خلال تطبيق بروتوكول صحي صارم، يراعي احترام التدابير الوقائية والاحترازية التي وضعتها السلطات الصحية، ولاسيما إلزامية وضع الكمامات انطلاقا من السنة الخامسة ابتدائي فما فوق، وغسل وتطهير اليدين بشكل منتظم، وكذا احترام مسافة التباعد الجسدي من خلال تقليص عدد التلاميذ داخل الأقسام الدراسية، والتعقيم المستمر لمختلف مرافق المؤسسات التعليمية”، إلا أن العدوى بالتقاسم ممكنة الحدوث صدفة، ولا يمكن التكهن بها في جهات معينة ومديريات مخصوصة تعتبر في حكم القيمة آمنة اليوم.
البلاغ الوزاري ورد في خباياه صيغة الإباحية وخص بها (التعليم الحضوري) في إشارة موضعية لمؤسسات التعليم الخصوصي، فيما المؤسسات العمومية فهي في حكم الاختيار والاجتهاد فقط داخل حدود البلاغ. جاء البلاغ (باب فرج) باعتبار(التعليم الحضوري) تمكين وعزيمة للمؤسسات الخصوصية تحت حماية قانونية (بلاغ / بقيمة قرار وزاري). البلاغ كذلك، جاء ليعبر بأن تمركز القرار لازال حاضرا من المركز بالشكل العمودي، ويدبر مشاكل الهوامش وحتى المدن غير الموبوءة. البلاغ في الأخير فتح باب الاجتهاد وتدبير المخاطر” أنه يمكن في أي محطة من الموسم الدراسي (2020/2021)، وفق تطور الوضعية الوبائية في المملكة والتغيرات التي قد تطرأ عليها مستقبلا، تكييف الصيغة التربوية المعتمدة على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الجهوي؛ بتنسيق مع السلطات المحلية والصحية” وهذا هو وجه العقلانية الذي كان ممكنا أن تتباه الوزارة الوصية، وتترك حرية القرار للجهات والمديريات باستقلالية التدبير والتسيير.
فيما الإشكال المفزع “الامتحان الجهوي الموحد للسنة أولى باكالوريا… فقد تقرر تأجيله إلى وقت لاحق”، هنا لا بد للوزارة من الاعتذار العلني لكل تلاميذ السنة أولى باكالوريا والذين أحسوا بالإحباط والقهر النفسي جراء هذا (البلاغ) والقرار، فرغم متابعتهم الاستعداد للامتحان طيلة العطلة وفي زمن صيف حار وموبوء (تم الإلغاء بقرار جد متأخر)، هنا لا بد من التفكير في إخراج صيغة توافقية وخلق مشاورات قبلية في قرار يلغي احتساب معدل( الامتحان الجهوي الموحد للسنة أولى بكالوريا) في هذا الموسم الدراسي بالاستثناء، حتى يتم توحيد تركيز جهد التلاميذ مع” تطور الوضعية الوبائية في المملكة ” والتحضير الأمثل للامتحان الوطني باكالوريا.