جزئيات كلميم: فوز “محمود عبا” بْرُوڤا لاستحقاقات 2021
نتائج استباقية
بُعَيْدَ فوز حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالمرتبة الأولى في الانتخابات الجزئية التي عرفتها جهة كلميم واد نون لأجل ملء المقعد الشاغر بمجلس المستشارين، بحصوله على 584 صوتا، مقابل 105 أصوات حاز عليها حزب العدالة والتنمية، تنامت القراءات التي ترصد مدلولات هذه النتائج الانتخابية، منبئة بحالة اللايقين التي باتت تدب في أوصال القيادات الجهوية للعدالة والتنمية، التي توجست خيفة من الاستحقاقات القادمة سنة 2021 في حالة ما إذا تحالفت أحزاب الاتحاد الاشتراكي والبام والحركة إلى جانب التجمع الوطني للأحرار، ضد العدالة والتنمية.
نزول الاتحاد الاشتراكي بكل ثقله في الانتخابات الجزئية التي عرفتها جهة كلميم واد نون، بتقديمها لمحمود عبا، أحد أبرز مدبري الشأن العام بالمنطقة، يَشِي بما لا يقبل مجالا للشك أن هذه الانتخابات كانت سياسية بالدرجة الأولى، وأن هذه المشاركة لم تكن لأجل الظفر بمقعد انتخابي بالنظر إلى القراءات الثاوية في التسخينات التي سبقت الاستحقاق، والتي كانت خاضعة لمنطق الاصطفاف والتحالف بين المكونات الحزبية بالمنطقة.
بروفيل “محمود عبا”
سليل الصحراء، ازداد “محمود عبا” سنة 1974، بآسا واحدة من أهم القبائل الصحراوية مَهَرَتْ عُودَه مبكرا بأخلاق وشيم الصحراء.تدرج كإطار بالمكتب الوطني للسكك الحديدية، وعلاوة على انشغالاته المتعددة، فهو عضو ناشط في عدة جمعيات ثقافية وتنموية ورياضية. ذو تحصيل علمي متنوع، وهو الحاصل سنة 1992 على باكالوريا علوم تجريبية، حضَّر بعدها مباشرة دبلوم الدراسات الجامعية العامة في الفلسفة وعلم الاجتماع سنة 1995، أردفت بدبلوم الدراسات الجامعية العامة في القانون سنة 2015. لم يطمئن للتراكم العلمي الذي تحصل لديه من رَافِدَيْ العلوم الاجتماعية والقانون، بل سعى إلى تجويد مستواه القانوني، وتخصص في القانون الجنائي بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية التابعة لجامعة ابن زهر بأكادير، متوجا مساعيه العلمية تلك بحصوله على شهادة الماستر في المنظومة الجنائية والحكامة الأمنية.
الهوس المعرفي كان مضاعفا بهوس من نوع آخر، فكانت السياسة ضُرَّةَ البحث العلمي، بل ربما فتح نهمه العلمي شهية الرجل لدخول معترك السياسة من أوسع أبوابه، مضطلع بعدة مهام، ليس أقلها النائب الأول لرئيس المجلس البلدي لبلدية آسا سنة 2009، فضلا عن عضوية المجلس الإقليمي لعمالة إقليم آسا الزاك سنة 2009، ونائبا ثالثا لرئيسة مجلس جهة كليميم واد نون.
الهزيع الأخير للعدالة والتنمية
أياما فقط على الاستحقاقات الوادنونية، انبرى حزب العدالة والتنمية إلى التقليل من شأن هذه الانتخابات، والدفع بالقول أنها انتخابات جزئية وتتعلق بهيئة ناخبة محددة ومحدودة لا علاقة لها بالاستحقاقات العادية، وأن الحزب ليس مهددا في تموقعه على الخارطة الانتخابية المقبلة، موقعا نفسه في تناقضات صارخة وهو العالم أن دفوعاته غير منضبطة، وأن ما ذهب إليه ليس معيارا لتحديد التحالفات الحزبية المقبلة.
ولايتان حكوميتان بقيادة العدالة والتنمية، حصد فيهما الحزب الفشل تلو الفشل لا سيما في الحفاظ على مربع تحالفاته الحزبية والإبقاء على رونق لياقته الشعبية، وهو الأمر الذي نرجعه ليس فقط لاعتبارات انتخابية بل أيضا لأسباب تنظيمية.
ذات الأسباب التنظيمية هي التي أودت بالعدالة والتنمية بجهة الشرق، التي حلّ فيا “أحميدة المحجوبي”، مرشح المصباح في المرتبة الثالثة في الانتخابات الجزئية أمام “عبدالله أوشن”، الفائز تحت يافطة الحركة الشعبية. وهو فشل يُعْزى إلى الحالة التنظيمية السيئة للحزب بجهة الشرق عامة، بعدما أقدمت الأمانة العامة للحزب على حل فرع العدالة والتنمية بإقليم وجدة، وطرد العشرات من الأعضاء بسبب ما اعتبرته اختلالات تنظيمية.
تناقضات تنظيمية بالجملة أججت غضب شبيبة المصباح من سياسة التهميش والاستقطاب الواضح للنخب من بين قيادات الصف الأول والثاني، علاوة على انتقادات الشباب لطريقة تسيير مرحلة ما بعد بنكيران.
بالرغم من تبخيس إخوان العثماني لجزئيات كلميم واد نون، واعتبارها غير ذات أثر يذكر، يسارع نفس الإخوان إلى تبني نظرية المؤامرة ضد الحزب وتكالب بقية العالم عليه – في تلميح لباقي الأحزاب المتحالفة ضد العدالة والتنمية- متجاهلين الواقعية السياسية التي تكشف أخطاء العدالة والتنمية، الذي حفل بتغليب أداته الأيديولوجية ممارسةً وسلوكاً.
حزب لم يكن ليلجأ إلى نظرية المؤامرة للدفاع عن انكماشه المتوالي، لو امتلك مشروعا سياسيا متكاملا، ولولا دوغمائيته التي تحارب التحليل الملموس للواقع الملموس، والتي تبرر بتهافت جامح سعيه للبقاء في السلطة بأي ثمن.
الرباط: الحسين أبليح