أقلام الوسيط

الدبلوماسية في زمن كورونا :المغرب والإمارات نموذجا بقلم: سدي علي ماءالعينين

لست متخصصا في العلاقات الخارجية للمغرب، ولكنني كباقي المتتبعين عاينت بعض الكتابات الصحفية الإماراتية المتهجمة على المغرب عامة وعلى رئيس الحكومة خاصة، في علاقة مع تدبير جائحة كورونا،
و لفهم تداعيات هذا الموضوع يمكن القيام بإطلالة صغيرة على محرك البحث جووكل خاصة المواقع والصفحات الرسمية لتكوين صورة عن الموضوع،
فما لا يمكن القفز عليه في هذا الموضوع هو ما عرفته العلاقات المغربية الإماراتية من تقارب في عهد الملك محمد السادس ترجم إلى توقيع إتفاقيات ومعاهدات شملت مختلف المجالات و الميادين كان من بينها بناء الميناء الأطلسي بطنجة والعديد من أشكال التعاون المشترك في قطاعات متعددة تكاد تكون شاملة لكل مناحي سياسة البلدين،
و بالعودة إلى الفترة الزمنية لهذا التعاون الذي يرقى في تمظهراته إلى تحالف إستراتيجي ،فإنه إنطلق بقوة في2009 ليستمر في تصاعد حتى سنة 2017, ليعرف ما يشبه التوقف او المد والجزر،
المحللون غزوا هذا الأمر إلى ما سموه وقوف دولة الإمارات وراء إفشال وتعثر إتفاق الصخيرات بخصوص الملف الليبي، فيما عزته مصادر أخرى للموقف المغربي المحايد من الحصار الذي مارسته الإمارات مع بعض دول التعاون الخليجي ضد قطر،
كما أن المغرب الحريص دوما على بناء علاقات متوازنة مع الشركاء الدوليين إعتبر أن دولة الإمارات مست عمق الممارسة الدبلوماسية بين البلدين بتأخرها في تعيين سفير لها بالمغرب، بعد مرور سنة كاملة على تسلم دولة الإمارات لاوراق إعتماد السفير المغربي لديها، وهو مادفع المغرب لتقليص الديبلوماسيين المعتمدين بالسفارة المغربية بالإمارات.
هذه الوضعية وصفت في قصاصات الانباء الدولية بالازمة الصامتة بين البلدين خاصة وان ما يتابعه المراقبون يكاد يكون ” مناوشات” إعلامية مست الوحدة الترابية للمغرب عبر نشر خريطة المغرب مبتورة من الأقاليم الجنوبية، أو التشكيك من قدرة المغرب على مواجهة وباء كورونا،
فيما المغرب واصل صمته بحكمة مشهود له بها في العديد من الملفات الدولية، وإكتفى بتصريح طفيف ولكنه قوي لوزير خارجيته بقناة الجزيرة القطرية.
ماهو مؤكد في سياق كل هذه الاحداث ان حجم الإتفاقيات كبير وكبير جدا بين البلدين يصعب جردها كاملة هنا، لكن السؤال هو :هل سيمس هذا التباعد الذي يدخل سنته الثالثة إلتزامات البلدين فيما يخص تتبع ومواصلة تنفيد هذه الإتفاقيات؟
سيكون من الصعب الحديث من الجانب المغربي عن هذه الأزمة، مادامت العلاقات الدولية تبقى سيادية و محصورة بيد الملك، هذا الأخير الذي إستطاع ان يحدث إنقلابا من حرير في صورة المغرب لدى دول الخليج الكبرى، والتي كانت تريد من المغرب ان يلعب دور الديل في جسم الخليج بدل شريك كامل الإستقلالية في قراره وتحالفاته، وهو مالا تستصيغه قيادات بعض دول الخليج التي ترى أن اي يد ممدودة مادامت مغمسة في النفط فإنها تعطي الإمتياز لها في اي تعاون كيفما كان.
في تقديري الشخصي ،فإن ما يمكن وصفه بالحملة الإعلامية الإماراتية وحتى السعودية، أو الإسبانية الممولة من الإمارات تبقى مجرد سحابة عابرة تزيد المغرب قناعة بجدية قراراته، ونجاعَة توجهاته،
و مادامت الجهات الرسمية بالبلدين تتعامل بصمت رسمي مع هذه الوضعية، فإن أبواب الأمل مفتوحة لتعود العلاقات إلى سكتها الطبيعية، و يواصل البلدان تعاونهما المشترك خدمة للشعبين الشقيقين ،تحت الرعاية الرشيدة لقيادة البلدين.
و بالعودة إلى الإتفاقيات التي تجمع البلدين في مجالات مختلفة فإن أي تعثر لها سيشكل خسارة لهما ولو بشكل متفاوت خاصة وانها إتفاقيات بنية على قاعدة رابح/رابح بعيدة عن نظرة الإحسان او المجاملة او إرضاء الخواطر او التحالفات الضرفية الهشة.
وإذا كانت الحملة ضد المغرب إختارت أزمة كورونا و تدبير المغرب لها كموضوع ، فإن هذا يبعث على الإعتزاز لأن منابر إعلامية دولية وذات مصداقية نوهت و اشادت بالمغرب ملكا وحكومة وشعبا، بل إن الدول الكبرى والجارة منها من أوروبا دعت منابرها الإعلامية حكومات بلدانها ان تحدو حدو المغرب في تدبير الأزمة.
لذلك فسيكون من الحكمة و التبصر ان نتجاهل كمغاربة هذه الحملة وتلك الكتابات البئيسة و نعطي للسلك الدبلوماسي بين البلدين فرصة تدبير الملف بما يتناسب مع ما راكماه من روابط يصعب قطعها وعلاقات يستحيل شلها، وتاريخ مشترك لايمكن لأقلام طائشة ان تعبث به.
فهل تعتبرون؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى