أقلام الوسيط

دروس كورونا التي تبني فينا الوطنية و المواطنة، بقلم- سدي علي ماءالعينين-

 

يعتبر فيروس كرونا إمتحانا وتمرينا كانت الدولة المغربية في أمس الحاجة إليه لتختبر مدى نجاعة مؤسساتها التي كان الكثير يصفها بالتخمة و الكثرة التي يبقى تأثيرها على المجتمع والمواطن ضعيفا،
وفي تتبع لسلسلة القرارات والإجراءات المتخدة، يبدو للمتتبع التكامل بين إختصاصات هذه المؤسسات و انسجاما في مواجهة الفيروس،
إلى هنا تكون الدولة قد عبرت عبر ممارستها انها ضابطة لإيقاع عمل مؤسساتها، ومالكة لجرأة إتخاد قرارات في مختلف المجالات بوعي و إدراك لكل الآثار الجانبية التي يحدثها اي قرار،
يبقى أن التفاوت الحاصل في درجة تجاوب المواطنين يعيد إلى الواجهة سؤال التأطير و الوعي و الجهل والامية،
فكثير من فئات المجتمع بما فيها المثقفة شككت في بداية الأزمة من تدبير الدولة، كما شككت من صحة معلوماتها، بل عاندتها بعدم الإمتثال لكثير من قراراتها،
لكن الأدهى والأمر، ان فئات من المجتمع وجهت إبداعاتها للتشويش على مبادرات الدولة اكثر منها مساعدتها على حسن تنزيلها و ترجمتها على أرض الواقع،
ويمكن القول انه مع توالي التحولات في محيطنا الدولي و الإقليمي، بدأ وعي المواطن يتكون بشكل إيجابي، خاصة في إنخراط المؤسسات المدنية في تأطير المواطنين ومصاحبتهم في التجاوب مع قرارات الدولة،
وبشكل طبيعي وعادي خلفت الاحداث وقائع فضحت مقاربات شادة بالمجتمع، كان اولها ما اشترك فيه المغاربة مع غيرهم من ساكنة الدول العظمى بالتهافت على المحلات لإقتناء المواد الغدائية، والتي لم تدم طويلا بعد أن أصبحت سلوكا معابا ومستهجنا من طرف أطياف المجتمع، بعدها ظهرت فئة أخرى أرادت خلق دولة دينية وسط الدولة وهي تبادر للصلاة الجماعية امام أبواب المساجد المغلقة بقرار اتبع مسطرة مؤسساتية دينية فيها حنكة و حسن تدبر، وسرعان ما تراجع هؤلاء بعد ضعف التجاوب مع مبادرتهم، بما فيها التصريح الشاد و المتهور لأبو النعيم،
وبعد إحداث صندوق مواجهة الفيروس وتجاوب القطاع الخاص ومختلف المؤسسات، جاء بلاغ ودادية المؤسسات التعليمية ليفضح جشع قطاعات تقتات من الأزمات، وأبانت انها منسجمة مع اسباب انتشارها وهو الركوب على أزمة المدرسة العمومية،
الفنانون الذين ألغيت مهرجاناتهم كي لا نقول قوت يومهم، كانت خرجتهم غير موفقة بالنسبة لفئة منهم التي إختزلت مبادرتها في تقليد إيطاليا و إسبانيا التي تعيش حجرا صحيا بدعوتها إلى ترديد النشيد الوطني من الشرفات، مع ان المغرب لم يمنع كلية الخروج للعمل،
بعض الآباء بعد أن مكثوا بمنازلهم يبدو انهم إكتشفوا مؤهلات أطفالهم في التكلم بلغة موليير، فوجدوها فرصة لتصوير أطفالهم وهم يوجهون المغاربة باللغة الفرنسية لملازمة منازلهم، طبعا مع ذكر اسماء المؤسسات التي يدرسون بها!!
تتوالى الاحداث والوقائق تبعا للقرارات والإجراءات فيبدو ان فيروس كورونا يعد بصدق فرصة لترتيب تلك الفوضى التي تشكل الإستثناء المغربي ،حيث الناس على وجوههم هائمون، وراء قوت يومهم يركدون، لكن في غياب لإستراتيجيات محكمة وبنيان اقتصادي صلب، وقيم مجتمعية تتغذى بالوطنية و المواطنة،
فيروس كورونا كي لا يحول مدننا إلى جنائز لتوديع من نحب ممن قد يفتك بهم الفيروس، منحنا فرصة أن نحول بيوتنا إلى فضاءات للعيش و التعايش بقيم إنسانية تاهت في زحام الأنانية و البحث عن لقمة العيش،
ستمر المرحلة، لكنها بكل تأكيد ستعيد ترتيب العالم و ترتيب وطننا وترتيب نفوسنا،
سنكون غير ما كنا بكل تأكيد، و سنكون اكثر وعيا بأن الدولة قائمة بمؤسساتها، و ان الشعب حاضر بتكافله و روحه الجماعية،
وستكون المعادلة التحدي :
إن نثق في دولتنا من جهتنا،
وأن تعترف الدولة اننا نستحق منها العيش الكريم من صحة وتعليم وعدل وأمن وعمل قار كريم…
فهل تعتبرون؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى