أية وظيفة لمدينة إنزكان ؟
محمد بوسعيد.
أثناء البحت عن الذاكرة التاريخية و العلمية لمدينة إنزكان ،نجد الكتابات المونغرافية محدودة جدا ،وتتميز بشح في المصادر .فإنزكان كلها تختزل في النشاط التجاري فهي إذن بقرة حلوب ،لدى يجب إعادة الاعتبار للمدينة حيث أنها ليست جسما ماديا ،بل جسم علمي .
لماذا سميت هذه المدينة بإنزكان ؟
حيث تتواجد بتل بارتفاع 35 متر ،ووجود غار يسمى ب ” إنزك ” و ” آن” ذاك أي ” ذاك الغار” .وقد لعبت هذه المدينة أدوارا مهمة على الصعيد المملكة ،مما ساعدها في الظهور ،بالإضافة إلى دورها الجغرافي ،كصلة وصل بين الشمال و الجنوب .وللمدينة أيضا دور سياسي حيث يعتبر سوق الثلاثاء مركز رئيسي للمدافعين عن الوطن إبان الاستعمار،يتم اجتماعهم في هذا المكان .فأول مقيم بإنزكان نصراني ثم طرده من المدينة أثناء الهجوم عليه من طرف سكان “حي المرس “بالدشيرة الجهادية ،نظرا لعادته المختلفة معهم .
الملامح الأساسية في التطورات العمرانية .
من المعروف أن أثناء الحماية ،مدينة إنزكان كانت قرية صغيرة يتواجد بها محل القائد وسوق للجملة ،فتم نزوح بعض الأسر من أيت بعمران ،وفي نهاية الأربعينات أصبحت المدينة جزء من أكادير الجنوبي ،إذ تحتضن مجموعة عمرانية ،كمركز عسكري وإداري ،فضلا عن إحداث تجزئة كسيمة وإنشاء 120 فيلا مخصصة للقوات المسلحة [ ليشالي ]و حلبة للفروسية .ففي مرحلة 1960-1975 ،شهدت زلزال أكادير حيث ثم إيواء 6020 من المنكوبين بإنزكان جلهم لم يتم إرجاعه إلى مدينة أكادير.
ففي هذه المرحلة ثم ارتقاء إنزكان إلى قطب تجاري سوسي ،وشيدت بها تجزئة بونعمان ،وتكونت ودادية الموظفين و تجزئة حي مولاي رشيد ،وبالتالي أصبحت نسبة الساكنة 112 ألف نسمة ،وتحول سوق الثلاثاء لسوق يومي بعد أن كان أسبوعيا ،ساعد في ذلك ،المخطط الثلاثي و الخماسي حيث تهيئة عمرانية ونمو ديمغرافي و اقتصادي ،فأصبحت ثاني قطب اقتصادي بعد الدار البيضاء .
إنزكان قطب التجارة وطنيا .
للمدينة وظائف عدة ،وظيفة تجارية بامتياز نظرا للترسانة التجارية الكبيرة التي تتوفر عليها [ سوق الفواكه ،سوق الخضر ،سوق الأطلس ،سوق دبي ،أسواق في طور الافتتاح …]الشيء الذي أعطى للمدينة قوة مزدوجة : قوة داخلية حيث عدد التجار يفوق عدد السكان و توفر وسائل النقل بحدة .وقوة خارجية ،إذ يتم إرسال تيارات خارجية كالمنتوجات التجارية تصل كل أطراف المغرب و الدول المجاورة .
لانزكان وظيفة النقل ،ازدحام في الشوارع ،حيث تسود فوضى عارمة وبالتالي تشويه المشهد الحضاري للمدينة ،الشيء الذي نتج عنه عدة عوائق .فالمدينة تفتقر إلى مركز ،فالمركز الحالي يحتكره الجانب التجاري الغير المهيكل ،ناهيك عن وجود إدارات أعطى ازدواجية مشوهة للمدينة .فالنشاط التجاري الممارس بالمدينة لا يليق بها ،حيث تواجد سوق الثلاثاء القديم و عرقلة السير،مما يسبب في تلوث.فهندسة هذا السوق تطرح المشاكل بالنسبة للتجار و للزبناء، الشيء الذي نتج عنه تناقض الدور الذي يلعبه مركز المدينة .وبالتالي فالبنية الطرقية أصبحت تقصي الراجلين وتؤرق المواطنين .هناك إذن أمور معقدة ساعد فيها تجار و المسئولين وكذلك انحصار المدينة وضيقها من طرف بلدية أيت ملول و توسع بلدية أكادير.
[ر.م ] من أعضاء نقابة التجار بإنزكان ،قدم رواية مفادها أن ذات المدينة تحتضن مايزيد عن 180 نوعا تجاريا وخدماتيا الضرورية لكل فئات الاجتماعية للسكان ،وتقديم الخدمات لسكان يفدون من خارج المدينة .مضيفا أن إنزكان مدينة تجارة الجملة بامتياز ،فعدد تجار الجملة يتراوح عددهم 500 تاجر ،يزودون مدن أخرى على الصعيد الوطني وحتى الدولي ،مما يترجم القوة التجارية للمدينة كما وكيفا ،الأمر الذي يساهم في الحركة و الدينامية الكبيرتين اللتين تعرفهما المدينة ،حركة مرور وعبور كثيفتين مما يجعل من المدينة منارة يهتدي بها الاقتصاد الجهوي و الوطني .فهي صغيرة مجاليا و قوية اقتصاديا .في هذا الصدد ،استطرد [ب.م]من الجمعية الوطنية لأرباب النقل بنبرة حزن ،قائلا أن المدينة غارقة في سيل عارم من كل أنواع العربات ،النقل الجماعي ،سيارات ،حافلات سواء تعلق الأمر بالنقل الحضري أو الجهوي أو الوطني أو الدولي ، مما يجعل من هذه الحركة الكثيفة مداخل و مخارج إنزكان، بمثابة السير في عنق الزجاجة .مبرزا أن المدينة تعتبر صلة وصل بين شمال المغرب وجنوبه ،وتربط كل المدن المغربية بواسطة 135 حافلة ،وتنقل سنويا حوالي مليون ونصف مسافرا نحو أغلب المدن الوطنية .أما على المستوى الثقافي و الفني بالمدينة ،فإنزكان تعرف غياب استراتجية واضحة المعالم لدى المسئولين ،وذلك لتدبير الشأن الثقافي و الفني ،حيث غياب مندوبية وزارة الثقافة ومندوبية وزارة الشباب و الرياضة على مستوى المدينة ،رغم توفرها على مؤهلات ثقافية وفنية هائلة الباحث و الدارس لهذا الموروث يتحسر ويتأسف للوضعية التي يعيش عليها ,ناهيك عن عدم قدرتهم على بلورة تصور مؤسساتي واضح بين العلاقة مابين مؤسسة الجمعية ومؤسسة الجماعة .هذه الأخيرة مازالت تعتمد أساليب متجاوزة مع علاقاتها مع جمعيات المجتمع المدني وتغييب دعمها ،وبالتالي يضع المجلس البلدي للمدينة الحقل الثقافي في آخر اهتماماته ،حيث يتم النظر إلى موضوع التنمية بترجيح الأبعاد الاقتصادية و السياسية و الأمنية من دون مراعاة جدية البعد الثقافي ،الذي يعد شرطا أساسيا لأي تنمية مندمجة و حقيقية ,
فعلى مستوى البنيات التحتية ،فالمدينة تعرف التهميش الممنهج لقصبة إنزكان التاريخية ،بنقصان حاد في المنشآت الثقافية و الاجتماعية ,ومما زاد الطين بلة ،عدم إشراك الجمعيات بسبب تخصصها في اللجان التي يشكلها المجالس الجماعية أو بتنسيق بين لجان الطرفين ،علاوة على غياب متحف يؤرخ لذاكرة المدينة .
إن مدينة إنزكان التي كانت بفضل موقعها الجغرافي ووضعها التاريخي ،فضاء متميز لاحتضان مختلف الأنماط الثقافية و الحضارية ،والتي نسائل اليوم في منتصف القرن الواحد و العشرين ،واقعها الثقافي سواء ما يتعلق بالبنيات التحتية و فضاءات للإنتاج والاستقبال و الترويج ،أو بخصوص طبيعة التغييرات الكبرى في نسيجها العمراني والاجتماعي و انعكاسات ذلك على العلاقات المقترحة للساكنة مع المنتوج الثقافي .
بعض الحلول المقترحة لتفادي هذا الاختناق.
نظرا لجسم المدينة القصير ،لن يتحمل التضخيم ،خلص الجميع إلى أن الأمر يستدعي تهيئتها و تنظيمها من نوع خاص يشارك فيها كل الفاعلين لإيجاد الحلول و لو مؤقتة كفتح محور طرقي جديد بين إنزكان و أيت ملول عبر قنطرة جديدة بواد سوس تسهل تنفس المدينة ،ونشر علامات المرور في مداخل المدينة و مخارجها للمساهمة في تخفيف
الضغط عليها .فكل المشاكل الحالية للمدينة على رأسها قوة المدينة التجارية و النقل .لم يعد يسمح لها بالبقاء على هذا ا لموروث التجاري ،لدى يجب إنجاز دراسات واقية لرصد تطور القطاع في الزمان و في المكان .
فالقطاع التجاري إذن في مدينة إنزكان يعيش عليه آلاف الأسر و الأفراد ،و ينعكس نشاطه بحدة على المجال الحضاري الانزكاني ،لدى فمصير المدينة، مرتبط بمصير هذا القطاع .