التنمية المحلية ما بعد كورونا بقلم الفاعل الجمعوي ذ. نورالدين بوكراب
إذا كان اليوم هو الزمن الحاضر الذين نعيشه، فهذا الحاضر يصير ماضيا لغد ما بعد زمن كورونا. لهذا من حقنا أن نتساءل ماذا أنجزناه وحضّرناه لغدنا منذ الأن – أي في زمن كورونا- .
لقد أتبث هذا الوباء بالملموس فشل التسيير التنموي الأحادي الإقصائى ، وأظهر حاجة المُسِّير إلى كافة طاقات المجتمع للتعاون والوصول إلى أفضل النتائج لاسيما عند التصدي للجائحة أو التأسيس لما بعدها، و للحد من تأثيراتها ولما لا التأسيس عليها للارتقاء بالمجتمع.
تعتبر الفترة التي فرضتها/ وفّرتها كورونا، فرصة ذهبية للتنمية فمن جهة – كل الطاقات لها الوقت الكافي للتفكير وبعمق، حول مستقبل كل جماعة ترابية محلية كانت أو إقليمية او جهوية ، ومن جهة أخرى تعد مناسبة لرؤية ما لم يكن باستطاعتنا رؤيته، “خاصة الأساسيات” ، الأساسيات التي كان يتعذر علينا رؤيتها بوضوح . فجائحة كورونا ستفرض / ستوفر فرصة للتحول الاجتماعي . مما يفرض علينا المساهمة في تحديد اتجاه هذا التحول القادم لا محالة، أكيد سيطمح الجميع لجعله تحوُّلا إيجابيا لصالح الأفراد و المجتمعات التي نعيش فيها.
فعلى كل مسيِّر يعمل بصدق لتنمية منطقته، أن يلتقط هذه الفرصة للتأسيس عليها وبل لتدارك ما فاته من خلال فترته/ ولايته الانتخابية، حتى لا يُحوّل جماعته الى ناسخ للتعقيم الموثق بالتصوير ( رغم أهميته) او إلى دور جمعية خيرية …
فالتنمية منذ قمة الأرض في ريوديجانيرو وما بعدها أضحت تُعْنى “بضرورة الاستجابة لحاجيات الأجيال الراهنة دون المساس بقدرة الأجيال اللاحقة للاستجابة لحاجياتها ايضا”.. (التحولات الاجتماعية و التنمية ص 14 د. امحمد مهدان )
فالتنمية مفهوم مركب يُعنى بتحسين ظروف عيش السكان و تطوير مهاراتهم / كفاءاتهم التقنية و المعرفية و تحسين وضعيتهم الاجتماعية و استفادتهم من الخدمات التعليمية و الصحية، إضافة إلى تمكينهم من الاستغلال المُعقْلَن للموارد طبيعيةً كانت ام معرفية/ ثقافية، لكن مع ضرورة تثمينها و ضمان استدامتها للأجيال اللاحقة.
انطلاقا مما سبق نضع بعض الاقتراحات و التي تظل أولية للبناء عليها و إغناءها، و يمكن أن نجملها في ما يلي:
– إنشاء لجنة لليقظة أو الحكامة بعيدا عن المحسوبية ، الهدف منها إعطاء النصح وتبادل التجارب والخبرات والمعلومات بالإطلاع على تجارب رائدة للاستفادة منها .
– تحيين المشاريع المستقبلية المبرمجة والتي كانت الحركة العادية تعيق الأشغال عليها لتنزيل المُناسب منها، فهذه فرصة لتحقيق مشاريع البنى التحتية الأساسية (طرق ، تبليط ، شبكات التطهير، الإنارة بالطاقة الشمسية….. )
– البحث عن موارد في زمن الكورونا متاح (وهنا تتجلى أهمية بنوك المشاريع التي كان من المفروض على الجماعات أن تعدها من قبل ودراستها جدواها – عبر المخططات الجماعية… )
– توجيه المجتمع إلى المعرفة والعلم والثقافة إذ يجب أن تنْصبَّ جهود لجنة اليقظة الخاصة بهذا الباب بتكثيف التوعية للمعركة الواعية والعلمية خاصة أن السكان كانوا في حالة تلقٍّ نادرة لم تحدث في التاريخ الحديث للبشرية..
– الإهتمام بالمؤسسات التربوية، فهي فرصة لاستكمال البنايات، كما التجهيزات (خاصة و أننا على موعد مع إمكانية تمديد الدراسة إلى فصل الصيف؛ وعلى الجماعات بالمناطق الحارة التفكير بشكل جدي بتجهيز المؤسسات بما يلزم لتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص لأبناءها….
رغم أهمية المساعدات المالية والسِّلَل الغذائية المقدمة إلا أنه قد يُعدُّ/ او يُصبح هدراً للمال العام إن لم يكن مبني على دراسة لحاجيات ذات أولوية … لا لتسجيل النقط كما يتراى للعيان.
يجب تحفيز الشباب وتحرير الطاقات . وحثهم على الإبداع في هذا الزمن المتاح .
– ألا تغفل الولوجيات، من مسالك بَيْجِهوية ، طرق سريعة؛ منعرجات تيشكا نموذجا / و طريق الجنوب السريع لربط المغرب بأفريقيا..
شكر المقاولات المواطنة التي وجدناها في مثل هذه الظروف ، وعلى سبيل المثال لطالما طالبنا بفروع أبناك ولحسن الحظ أن بريد المغرب وجهز مكاتبه بشباك إلكتروني، حلت مشاكل المواطنين و حد من مخاطر اصابتهم بالفيروس عبر اجبارية التنقل.
شكرا شركات الماء، والكهرباء ، الاتصالات، ورغم إكراها الصبيب إلا أنها ستبقى من بين المقاولات التي وفرت خدماتها للمواطنين في زمن هم بأمس الحاجة .
وسوف لن يستقيم أي عمل مهما كان جادا إذا لم يُقرَن بأليات زاجرة للحد من إمكانيات هدر المال العام و سرقة مجهودات الناس
الخشية من خفافيش الظلام التي تستغل كل الفرص لتحْوير معطيات كانت ثابتة لأنها تقرر لوحدها أو بمعية قلة قائدة، تولي أهمية قصوى لمصلحتها الخاصة و لا تُعير أدنى اهتمام للمصلحة العامة…