جهة سوس ماسة… أعطاب التنمية تراجع مؤشرات التنمية الاقتصادية وإغلاق مؤسسات سياحية والمحطة الطرقية تحديات تنتظر الوالي أمزازي
سيصطدم والي جهة سوس ماسة الجديد، سعيد أمزازي، برهانات وتحديات كبرى، ومشاريع ملكية متعثرة، وجب تنزيلها في وقتها المحدد، خاصة ما يرتبط ببرنامج التنمية الحضرية (2020/2024) الذي أطلقه الملك، ومخطط تسريع التنمية الصناعية الجهوي(-2014 2020)، ومآل اتفاقياته التسع، ومشاريعه 250، ناهيك عن معالجة اضطرابات مؤشرات أعطاب التنمية الاقتصادية والبشرية التي استمرت في التراجع سنة تلو الأخرى، منذ التسعينات.
إعداد: محمد إبراهمي (أكادير)
العديد من الملفات الشائكة تنتظر الوالي الجديد، أهمها مؤشرات التنمية الاقتصادية الصادمة، ورهان تقوية المكانة الإستراتيجية للجهة، وتحويلها إلى قطب اقتصادي حقيقي، ذي تنافسية، قادر على رفع تحدي رهان الجهوية المتقدمة، وتدعيم إشعاعها الوطني والقاري، وتوفير الشروط المناسبة لتلعب دورها صلة وصل بين شمال وجنوب المملكة.
تراجع مؤشرات التنمية الاقتصادية
تستمر الجهة منذ التسعينات في حصد تراجع مؤشرات التنمية، إذ تقهقرت من الرتبة الثانية، إلى الخامسة والسابعة. فتقرير الحسابات الجهوية حول الناتج الداخلي الإجمالي الجهوي بين 2007 و 2009، سجل تراجع الجهة إلى الرتبة الرابعة، بعد جهات البيضاء والرباط وطنجة، إذ تراجعت من 8 % إلى 7.6 %، ب 0,4 نقطة، مقابل تقدم جهة الشاوية ب 1.6 نقطة، وجهات الجنوب ب 0.5 نقطة، وجهة تادلة ب 0.6 نقطة.
واحتلت سوس على مستوى الناتج الداخلي الإجمالي الجهوي، حسب الفرد، أدنى مستوى، بين 2007 و 2009، محتلة الرتبة السابعة، متأخرة عن جهات الحسيمة وتادلة والغرب، ب 789 16 درهما عوض 148 15.
وسجلت بنية الأنشطة الاقتصادية لـ 2009 هيمنة الأنشطة الفلاحية والصيد البحري في ثلاث جهات (الحسيمة والغرب وأزيلال)، التي عرفت تحسنا بحوالي 10 نقط منتقلة من 26.7 % إلى 37.2 %، لتتراجع جهة سوس عن الريادة السابقة، بينما حافظت سوس في النشاط السياحي على رتبتها الثانية بعد مراكش.
وبعد عشر سنوات من الحصيلة التنموية لجهة سوس الهزيلة، مقارنة مع ما قبل 2009، ورغم ما سمي بالبرامج التنموية الجهوية، وبرنامج التسريع الصناعي، أظهرت الحسابات الجهوية لـ 2021، استمرار الجهة في حصد رتب متأخرة في النمو الاقتصادي، حيث تمكنت أربع جهات من تسجيل معدلات نمو أكبر من المتوسط الوطني (8 %) وهي فاس ب (12,7 %) وبني ملال ب (10,4 %) وطنجة ب (8,7 %) ومراكش ب (8,5 %)، بينما سجلت باقي الجهات، ومن ضمنها سوس، معدلات نمو أصغر من المتوسط الوطني، تراوحت بين (4,2%) و (7,9%)، لتتدحرج سوس إلى أسفل درجات السلم التنموي.
وكشف الناتج الداخلي الإجمالي الجهوي، حسب قطاعات الأنشطة الاقتصادية لـ 2021، أن سوس احتلت الرتبة الخامسة في أنشطة القطاع الأولي (الفلاحة والصيد)، بعد فاس ودرعة والداخلة وبني ملال، أما في الناتج الداخلي الإجمالي للفرد على الصعيد الوطني الذي بلغ 35104 دراهم خلال 2021، فقد سجلت خمس جهات ناتجا داخليا إجماليا للفرد يفوق المعدل الوطني، كالداخلة والعيون والبيضاء وكلميم والرباط، بينما تراوح الدخل ما بين 20971 درهما بجهات مراكش وطنجة وسوس.
صعوبات مالية
سيجد الوالي نفسه في مواجهة مباشرة مع منفذي المشاريع من مديري شركات التنمية الجهوية والمحلية، الذين تم انتقاؤهم من قبل الوالي السابق، ويشكلون “بعبعا” للمجالس المنتخبة، التي لم تجد القدرة على مواجهتهم، باعتبارهم ممثلي الوالي.
ففي الوقت الذي لا تفصلنا إلا سنة واحدة عن استكمال مشاريعه البالغة 94 مشروعا، بتكلفة مالية قدرها 6 ملايير و297 مليونا و970 ألف درهم، لم يتم الانتهاء إلا من أشغال إنجاز 28 مشروعا، وهو ما يمثل فقط نسبة 35 في المائة من التكلفة الإجمالية للبرنامج، خلال ثلاث سنوات، فهل ستتمكن الشركات المكلفة بتنفيذ المشاريع من إنجاز ما تبقى في سنة واحدة؟ وهل سيتم تنزيل البرنامج برمته، خاصة أن الاجتماع التاسع للجنة الإشراف والتتبع والتقييم للبرنامج المنعقد، السبت 22 يوليوز، سجل تأخرا في دفع بعض المبالغ المستحقة؟
وكشف الوالي السابق أن قيمة الدفعات التي تبلغ خمسة ملايير و453 مليون درهم الملتزم بدفعها برسم 2020، 2021، 2022 و2023، من قبل مختلف الأطراف المتعاقدة، لم تضخ منها سوى أربعة ملايير ومائتي مليون درهم، أي ما نسبته 77 في المائة من المبالغ المستحقة إلى حدود متم 2023. وتبلغ حصة جماعة أكادير 513,83مليون درهم، وهي أكبر حصة، فيما حصة المديرية العامة للجماعات الترابية 268,95 مليون درهم، وحصة جهة سوس ماسة 247,45 مليون درهم، وحصة صندوق مواكبة إصلاحات النقل الحضري و الرابط بين المدن83,90 مليون درهم، والقرض الممنوح من قبل الوكالة الفرنسية للتنمية 118.50 مليون درهم، ثم حصة وزارة الصناعة والتجارة، 20 مليون درهم.
مشاريع صناعية معلقة
تعرف جهة سوس ماسة تعثر حزمة من المشاريع التي أعطيت انطلاقتها في 2018، ضمن مكونات برنامج مخطط التسريع الصناعي بالجهة، الذي وقع أمام الملك، وعجز الوالي ورئيس الجهة السابقين والمجالس المنتخبة عن إخراجها إلى حيز الوجود.
ويترقب متتبعو الشأن العام بالجهة، مآل إرساء النظم الصناعية المقررة ضمن المخطط بقطاعات السيارات والنسيج والطيران والبناء والصناعات الميكانيكية والتعدين والصناعات الكيميائية والجلد والأوفشورينغ، فضلا عن الصناعات الصيدلية، والصناعات الغذائية، وكلها وردت في الاتفاقيات الثماني، وبروتوكول لتنفيذ التنزيل الجهوي لمخطط التسريع الصناعي بجهة سوس ماسة، لإنجاز 11 استثمارا صناعيا بالجهة، من أهمها تنزيل إستراتيجية تنمية الصناعة الغذائية على مستوى جهة سوس ماسة، وتمويل برنامج تنمية الصناعات الغذائية، ودرجة تقدم تسويق القطب الفلاحي «أكروبول»، الذي يمتد على مساحة تناهز 75 هكتارا، وتضم 250 بقعة مخصصة لتقوية العرض الموجه لاستقطاب المستثمرين لإقامة مشاريع استثمارية ذات صلة بمجال الصناعات الغذائية، ومصير تلك المشاريع المتفق عليها من قبل المستثمرين، وسيرورة الإنجاز وتنفيذ المخطط، إضافة إلى ملف المنطقة الصناعية «هاليوبوليس» التي أنشئت لدعم الإستراتيجية التنموية لجهة سوس ماسة وتنزيل مخطط التسريع الصناعي، عن طريق إنشاء أقطاب تنافسية مختصة في تثمين المنتجات الزراعية، ومنتجات الصيد البحري. وخصصت لإنشاء هذه المنطقة الصناعية مساحة إجمالية تناهز 150 هكتارا، رصد لها غلاف استثماري يناهز حوالي 6.6 ملايير درهم، يرتقب أن تحدث حوالي 20 ألف منصب شغل.
معضلة السياحة
يجد الوافد الجديد على أكادير نفسه في مواجهة أزمة مركبة في قطاع السياحة بشقيه الحضري والقروي، إذ توجد بالمدينة ما يناهز 20 مؤسسة سياحية مغلقة، أربع منها قيد التجديد، فيما الباقي مغلق لأسباب مختلفة، منها المصنفة كفندق «ترانس أطلنتيك»، الذي تملكه جمعية الأعمال الاجتماعية لوزارة الداخلية، والسلام، و»القصبة» و»نادي»كلوب ميد» التابع لصندوق الإيداع والتدبير، و»قصر الورود»، و»صوفيتيل باي»، و»أطلنتيك بالاص»، وفندق «تيفولي»، و»الأمويين»، و»إيكودار» «وتاكادريت» «وتاملالت»و «أكادو « و»رويال” .
وتشكل تلك الفنادق المغلقة للتجديد، أو تلك التي أغلقت لسوء التدبير والتسيير، أو تلك التي لم تكتمل بها الأشغال بسوء نية أو لسوء الحظ، نقاطا سوداء تؤثث لمشهد مقزز بالشريط السياحي الساحلي، وبالمجال الحضري لمدينة أكادير.
وتحولت بعض هذه الفضاءات إلى مكان للمشردين، تخدش جمالية المدينة التي لم يبق من مقوماتها الاقتصادية غير السياحة، بعد تراجع قطبي الفلاحة والصيد البحري.
مدينة بدون محطة طرقية
تنتظر الوالي الجديد المعين ملفات كبرى حارقة ترتبط بالمستقبل الاقتصادي والاجتماعي والسياحي للجهة. ومن بين الملفات الكبرى، ملف المحطة الطرقية لثاني مدينة سياحية بالمغرب، إذ لا تتوفر أكادير على محطة طرقية لنقل المسافرين.
ويستغل الفضاء الحالي بحي المسيرة، مؤقتا بترخيص من وزارة التجهيز، حيث تم التحويل مؤقتا لمحطة النقل السياحي لأكادير، إلى محطة عبور مركبات النقل الطرقي. ورغم أنه فضاء صغير جدا، فإنه يضم ما تفرق في غيره من المحطات، فهو فضاء للإركاب وسحب التذاكر، كما أنه فضاء تابع للجماعة الحضرية كمقاطعة لاستصدار عقود الازدياد والتصديق على التوقيعات والشهادات الإدارية، ويحتوي على المحجز البلدي للسيارات المخالفة للقانون، التي يتم قطرها، ومحطة لسيارات الأجرة.
وتم اقتطاع الطابق العلوي من المحطة بعدما تم هدم أغلب دكاكينه وتسويتها، دون معرفة مآل الطابق برمته. وتحولت ما يسمى قسرا بالمحطات الطرقية لنقل المسافرين إلى «بؤرة سوداء» تؤرق المسافرين والمهنيين والسكان المجاورين لها بسبب استقطابها للعشرات من المتشردين والمتسولين والمهاجرين غير الشرعيين.
ويتعرض المسافرون والمسافرات لمضايقات «الكورتية» أثناء ولوجهم إلى المحطة.
وخلفت إفادة وزير الداخلية أمام البرلمان استثناء أكادير من حقها في محطة طرقية، استياء عميقا، بعد أن كشف أمام البرلمان عن خارطة الجيل الجديد من المحطات الطرقية، وإقصاء أكادير من حقها في محطة طرقية من الجيل الجديد، تليق بالعاصمة السياحية، ونقطة وصل بين الشمال والجنوب. وكشف الوزير عن المرحلة الثانية من برنامج مواكبة المحطات الطرقية العصرية، التي شملت كلا من الجديدة وتطوان وجرادة وخنيفرة والناظور وبركان، واستثنيت أكادير، إذ سيجد الوالي نفسه أمام معضلة محطة النقل الطرقي بالمدينة.
وفضلا عن انعدام هذه المنشأة، فإن أكادير في حاجة إلى مجزرة كبرى تليق بالمدينة.
عن (جريدة الصباح)