أقلام الوسيط

الائتلاف النسائي يكسر الصمت السياسي ونزار بركة ينخرط في الترافع على خطى علال الفاسي

بقلم ذة: مريم زينون

فصول كثيرة من المعركة النضالية التي خاضتها الحركات النسائية المغربية ضد الحيف الاجتماعي والتراجع السياسي الذي طال حقوقها الشرعية والمدنية مما استدعى خروجها إلى الشارع لتصرخ ضد التهميش والإقصاء النوعي .. علما أن هذه الحقوق انتزعتها منذ زمن بعيد عند حصول أول امرأة مغربية على شهادة البكالوريا سنة 1945 وأول سائقة طائرة سنة 1958 والأمثلة كثيرة في جل الميادين، خصوصا عندما اقتدت أعلام سياسية وطنية بأول مناصر للمرأة المغفور له محمد الخامس من أمثال المرحوم علال الفاسي الذي جعل من النضال من أجل حقوق المرأة منذ الثلاثينات جزء من النضال ضد الاستعباد والحرية وحفظ كرامة المرأة التي هي نصف المجتمع هو حفظ لكرامة الإنسان المغربي ككل. ومن أجل هذا كان السبق للمرأة المغربية في اعتلاء مراتب عليا علميا ومدنيا إلا أنها بقيت خارج المشاركة السياسية التي تعد كخطوة أولى في مسلسل الديمقراطية الحداثية والمتكاملة بإشراك المرأة في صناعة القرار، وما يدل على هذه القناعة العميقة والثابتة دعوة الملك محمد السادس باعتماد مقاربة النوع في تحفيز النساء على ولوج مناصب المسؤولية والمشاركة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية. أما الديمقراطية السياسية لم تكن في حد ذاتها هدفا وإنما وسيلة لتحقيق المطلب الأهم للمساهمة في بناء الديمقراطية الاجتماعية والاقتصادية داخل مقاربة تشاركية بين النوعين الرجل والمرأة على حد سواء، رغم أنها انتزعته منذ زمن بعيد منذ فجر الإسلام في الإسوة الحسنة للرسول عليه الصلاة والسلام وزوجته خديجة بنت خويلد..- فقط كي لا يقال أن النساء يتسابقن على منافسة الرجال- وجب التذكير على أن مستوى النضال الاستراتيجي الذي بلغته النساء المغربيات في مبادرة ” المناصفة دابا” ليس من صنع اللحظة أو الظرفية الانتخابية بل هو تخطيط استراتيجي محكم البناء الهندسي للمطالب والحقوق التي تسعى إلى الارتقاء والتنمية الشاملة لمنظومة الإصلاح الديمقراطي الحقيقي في كل مراحل تطور الدستور المغربي وذلك بتشكيل ائتلاف نسائي من كل الفعاليات السياسية والنقابات المركزية والحقوقية والمدنية لتقديم “الكتاب الأبيض” المتضمن لأبرز مطالبها ومقترحاتها داخل برنامج ترافعي مع جميع الهيئات السياسية والحكومية بدءا برئيس الحكومة اعتبارا أن مبادرة “المناصفة دابا” يجب أن تجيب عن السؤال المحوري من خلال لقاءاتها الترافعية ، المناصفة لأجل ماذا ؟.

لقد دفعت الشجاعة في التعبير عن الرأي واتخاذ القرار إلى اقتحام محراب بعض أمناء الأحزاب السياسية ومقارعة آرائهم من أجل ترسيخ معادلة الإنصاف والمناصفة من أعلى المنابر السياسية الوطنية الشيء الذي لقي استحسانا كبيرا لدى حزب الاستقلال في شخص أمينه العام والذي اعتبرها معادلة تجد مدلولها الكامل في شعار الحزب والذي يجب أن يستمر كالتزام وعهدة طيلة حياة الحزب كما أعلنها في بداياته، أن بناء الوطن مرتبط ببناء المواطن الصالح والمرأة نصفه الذي لا يكتمل بناؤه دون إشراكها ..إذن السؤال الذي يدفع للتأمل هل يعتبر حزب الاستقلال مبادرة “المناصفة دابا” ضالته التي طالها التقصير رغم أنها كانت مشروع نضال وطني لأحزاب وطنية حداثية كما كانت لمؤسس حزبهم حتى أنه أنشد موصيا بالمرأة :
عار علينا أن تظــــل فتاتنــــــــا في الجهل غرقا لا تطيق تقدما
فابنوا لها أسس الفلاح وجاهدوا حتى تمد إلى المعالي سلـــــــما
أم أن الائتلاف النسائي “المناصفة دابا” هو الذي لم يخطئ طريق النضال حين قرر الترافع عن قضيته أمام الهيئات السياسية والحكومية؟ أكيد أنه لم يخطئ طريقه في النضال وإلا لما كان أهلا للمطالبة بالإنصاف داخل المقاربة التشاركية في تحمل المسؤولية وصناعة القرار، والأكيد أيضا أن أمين عام حزب الاستقلال حينما أعلن الانخراط في مطلب المناصفة لم يخطئ عنوانه خصوصا حينما أعاد لفظا وتفصيلا بعد لقاءه لنساء الائتلاف ما أنشده علال الفاسي سلفا:(.. المرأة يجب أن تكون عندها مكانة أكبر..) هذه الجملة دلالتها في الوجود السياسي للحزب تلتئم مع ما سلف ذكره لدى علال الفاسي داخل منظومة فكرية سياسية واحدة لها مرجعية واضحة وهي إنصاف المرأة لتقلد مناصب المسؤولية المقرونة بالعمل لمغرب ما بعد الاستقلال.. للأسف واقع الحال كرس التشاؤم بإقامة تجاوزات في إنصاف المرأة داخل المؤسسات العمومية والسياسية مما جعلها تعدد الاستفهامات حول دمقرطة حقها في المناصفة التي أقرها الدستور المغربي وأجهض رغم مشاركة الهيئات السياسية المنتخبة في المصادقة عليه لكن دون تنزيله فعليا على أرض الممارسة السياسية مما يسقط عليه وصف الإجهاض المفتعل. ويبدو أن تبني حزب الاستقلال لمقترحات الائتلاف النسائي لأجل القطع مع كل التجاوزات المعرقلة لتطور مكانة المرأة سيجعله بمقتضى حالة الاستثناء هذه يعلن انقلابا سياسيا داخل المسلسل الديمقراطي يستوجب منه استئصال مختلف علل الفساد الإداري والريع السياسي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى