ذ.عادل بن الحبيب يكتب للوسيط …التلميذ الخاسر الأكبر في معركة الوزارة والأساتذة المتعاقدين.
الاساتذة كانوا دائما قدوة، ومصدر للعلم، مهمتهم تربية الأجيال على القيم، وتلقينهم مبادئ المواطنة وحب الوطن. ولذلك هم دائما مُحترمين وذوي هيبة في عيون الجميع. اليوم نرى ، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، صور دماء على وجوه المدرسين، هِراوات تنهال على أجسادهم بلا هوادة، مطاردات ، إصابات وحالات إغماء في صفوفهم… السبب احتجاجهم على التوظيف بالتعاقد.
أصبح المدرس يُضرب ويُركل، ويُسال دمه، ويتعرض للسب والاتّهام باللاوطنية، وهذه صورة قاسية ستترسّخ في ذهن التلميذ و المجتمع، وستُغير تمثلهم عن الأستاذ، وتُفقدهم الثقة في المدرس و في المدرسة العمومية .
بالنسبة لهم هم أساتذة “فُرِض عليهم التعاقد”. فبالرغم من أنّهم وقعوا على العقود بإرادتهم، إلا أنهم يعتبرون أن قبولهم لهذه العقود جاء من انعدام الخيارات أمامهم. لقد وضعتهم الدولة أمام خيارين أحلاهما مرّ: إما التعاقد وإما مواجهة شبح البطالة. اضطروا لقبول التعاقد، لأن كل الأبواب كانت مغلقة أمامهم. و عندما وجدوا أن هناك بنود مجحفة ومهينة موجودة في العقود، شكلوا تنسيقية كإطار يوحدهم، وقرروا الاحتجاج.
بالنسبة للوزارة ،لم يعد هناك أي مجال للحديث عن التوظيف بالتعاقد، إذ تمّ التخلي نهائيا عن هذا النمط من التوظيف، بعد اعتماد التعديلات المقترح إدخالها على النظام الأساسي لأطر الأكاديميات. هذه التعديلات، حسب الوزارة، تشمل كل المقتضيات الضامنة للاستقرار المهني والأمن الوظيفي لهذه الأطر، خاصة تلك المتعلّقة بالترسيم مع الاحتفاظ بالأقدمية المكتسبة بالأكاديمية، وبالحق في الترقية، والحق في التقاعد بعد الإصابة بمرض خطير، إضافة إلى ضمان الحركة الانتقالية الجهوية، وغيرها من المقتضيات القانونية التي تسري على جميع موظّفي الإدارات العمومية.
يصر المدرسون المتعاقدون إذن على البقاء في ساحة الاحتجاج، إلى أن يتحقق مطلبهم في الإدماج في الوظيفة العمومية. وتصر الحكومة على التمسك بموقفها وسياساتها. بينما يظل التلميذ المغربي بين هذين النارين، ضائعا، باحثا عن جواب حول مستقبله المضبب، محترقا بالسّؤال عن مصير المدرسة العمومية.المعركة الحامية بين المدرسين والحكومة، جعلت قطاع التعليم يعيش أزمة متفاقمة. و هدر زمن مدرسي هام، قد يؤثّر لاحقا على التلاميذ، خاصة المقبلون منهم على الامتحانات.التلاميذ العنصر المتضرر بالدرجة الأولى مما يقع، خاصة في المجال القروي.
الخاسر الأكبر من هذه المعركة هم تلاميذ المدرسة العمومية ،
تلاميذ لا حول لهم و لا قوة، فرض عليهم نظام التناوب بحكم جائحة كورونا ،و هم بذلك يدرسون نصف الحصص المخصصة لهم ، وفرض عليهم إضرابات الأساتذة التي تزيد من هدر زمن التمدرس .
حل ملف الاساتذة المتعاقدين لن يكون بالمقاربة الأمنية، بل يجب تبني مقاربة تواصلية و ذلك بفتح نقاش مسؤول لمعالجة الاختلالات و الاستجابة للمطالب العادلة للاساتذة. توقف الحوار ، وتراكم الاختلالات التي تشكو منها منظومة التربية والتكوين، هو الذي يدفع الأطر التربوية إلى الاحتجاج لتنفيذ ملفاتها المطلبية. على الوزارة العودة الى طاولة الحوار بدل سياسية الهروب إلى الأمام التي لن تجدي نفعا و لن تزيد الأمور الا تفاقما .
هذا الملف سيحله التفكير الرزين الحكيم ،البعيد عن المزايدات السياسية .التفكير الواعي بأهمية العلم و أهمية المدرسة العمومية و اهمية الاستقرار النفسي و الاجتماعي للمدرس.