ماذا يعني القرار الأوروبي القاضي بسحب المغرب نهائيا من “القائمة الرمادية” للضرائب؟
بقلم ذ.عادل بن الحبيب
تقوم حكومات دول الاتحاد الأوروبى بجهود حثيثة لمكافحة التجنب الضريبى والملاذات الضريبية، وكانت آخر هذه المحاولات تبنى حكومات الاتحاد الأوروبى قائمة سوداء للملاذات أو ما يسمى بـ”جنات الضرائب” تضم مجموعة كبيرة من المناطق والدول التى ستعد ضمن الملاجئ الضريبية.
الملاذات الضريبية تأوي 32 تريليون دولار خارج نطاق الضرائب وتتيح، سهولة تأسيس الشركات بأسماء وهمية، وفتح حسابات بنكية سرية، ولا تخضع هذه الاستثمارات لأى ضرائب وبعضها يخضع لضرائب منخفضة، لذا تفضل كثير من كبرى الشركات العالمية نقل مقارها الرئيسية إلى إحدى دول الملاذات الضريبية حتى تتجنب الشركة دفع الضرائب، وتقوم الشركات بعمليات تحويل الأرباح إلى فروعها فى الملاجئ الضريبية وتحويل الخسائر إلى المقرات الموجودة بالدول الخاضعة للضرائب، وهو ما جعل الدول الكبرى تخسر الكثير من أموال الضرائب التى كان من المفترض أن تسددها هذه الشركات لحكوماتها، لصالح الملاجئ الضريبية التى تهرب إليها الأموال سواء الناتجة عن عمليات شرعية أو أعمال غير شرعية مثل غسل الأموال والتجارة غير المشروعة.
وتقدر شبكة العدالة الضريبية حجم الثروات المالية الخاصة التى لا تخضع لأى ضرائب حول العالم بنحو 32 تريليون دولار، وتستخدم ملاذات السرية المالية فى جذب تدفقات مالية مشروعة وغير مشروعة.
فى أبريل من عام 2016 استيقظ العالم على نشر التحقيق الاستقصائى الأكثر شهرة “وثائق بنما”، والذى كشف عن تفاصيل وثائق سرية تم تسريبها من شركة موساك فونسيكا للخدمات القانونية في بنما التي تملك منظومة مصرفية تجعلها ملاذا ضريبيا مغريا، وكشف تسرب تلك الوثائق أن الشركة ساعدت عدد من مشاهير العالم من السياسيين ورؤساء دول ورجال أعمال ورياضيين على التهرب الضريبي، بإنشاء ملاجئ ضريبية غير قانونية فى الأغلب.
ونتيجة الضجة الكبيرة التى أثارها نشر هذا التحقيق، ونشر تحقيق آخر باسم “أوراق الجنة” كشف أيضا عن مزيد من عمليات التهرب الضريبة لكبار مشاهير العالم فى ملاجئ ضريبية،أقر وزراء مالية دول الاتحاد الأوروبى “قائمة سوداء للملاجئ الضريبية” تضم 17 ملاذ ضريبة خارج الاتحاد الأوروبى لا تتعاون مع الاتحاد فيم يخص الضرائب، ولا تتوافق نظمها الضريبية مع الاتحاد، فى حين تم إدراج نحو 47 دولة فى قائمة “رمادية” للدول التي لا تتوافق مع معايير الاتحاد الأوروبى، لكنها ملتزمة بإجراء تغييرات على أنظمتها الضريبية، وذلك فى ديسمبر عام 2017.
وضمت القائمة السوداء للملاذات الضريبية فى صورتها الأول ثلاثة دول عربية من بين الـ17 ملاذ هي الإمارات، والبحرين و تونس.
المغرب كان ضمن” القائمة الرمادية” ، لاكن تقديرا لجهوده في مجال الإصلاحات المالية والحكامة الجبائية، قررت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي سحبه، بصفة نهائية منها، لأنه أضحى يلتزم بجميع المعايير الضريبية الدولية التي تتيح إدراجه ضمن النادي المصغر للبلدان التي برهنت على تطور إيجابي لتشريعاتها وممارساتها الجبائية.
المغرب انخرط في تدابير تروم ضمان امتثال منظومته الجبائية للمبادئ العالمية للشفافية والضرائب العادلة، كما هو منصوص عليه ضمن المعايير الواردة في قائمة الاتحاد الأوروبي”. و اعتمد مؤخرا، إصلاحات تعدل النظام الجبائي للقطب المالي للدار البيضاء، قصد جعله متوافقا مع مبادئ المنافسة الضريبية العادلة”.
كيف تتضرر الدول من إدراجها ضمن القائمة السوداء للملاذات الضريبية؟
إدراج أى دولة ضمن القائمة السوداء للاتحاد الأوروبى، قد يحمل الدولة الكثير المشكلات ليس فقد على المستوى الاقتصادى وإنما السياسى أيضا، حيث يصعب حصولها على أى مساعدات من الاتحاد الأوروربى، وتطال تعاملاتها المالية تدقيق أكبر.
كما أن إدراج أى دولة بهذه القائمة يعنى أن التعاملات المالية العابرة للحدود لشركات مقرها بهذه الدولة أو لديها تعاملات مع شركات مرتبطة بها، يجعلها محل تدقيق كبير من جانب الدول الأخرى، لأن احتمال التجنب الضريبى فى هذه الحالة كبيرا.
الاستثمارات مع الدول المدرجة ضمن القائمة السوداء ستوضع تحت “الميكروسكوب” والفحص الدقيق لجميع التعاملات المالية، كما أن المستثمر قد يتردد فى تأسيس شركاته أو إجراء تعاملاته المالية مع هذه الدول فى ظل التدقيق الكبير من الأنظمة الضريبية المختلفة لتعاملات هذه الاستثمارات.