وإذ نتأسف على هذا المصاب الجلل، الذي يتبث بقوة الواقع خطورة النتائج الكارثية للتغيرات المناخية وما تلحقه من خسائر مادية وبشرية جسيمة، نؤكد بقوة على المسؤولية الأساسية الواقعة على القطاعات الحكومية المعنية والجماعات المحلية، واستعجالية تخليهم على المقاربة المبنية على تذويب المسؤوليات والتدخل البعدي المتأخر للكوارث، بالتركيز على إدارة مخاطر الكوارث بدل التركيز على إدارة الكوارث، وهو ما جعل ما حدث بتارودانت حاليا، وما وقع قبله بالأمس القريب بقلب مدينة سيدي إفني، وأوريكا، … يمثل نتائج متوقعة لممارسات وواقع كان ينذر بها.
لذلك وبغاية الحد من المخاطر الحالية وتعزيز القدرة على المواجهة واتقاء مخاطر جديدة، نؤكد في الائتلاف المغربي من أجل المناخ والتنمية المستدامة جهة سوس ماسة على ضرورة :
التدبير الجيد للتعامل مع آثار هذه الكارثة، في المرحلة الأولى، من خلال الاستعجال بمساعدة الأسر المعيشية الحياة، المتضررة من جراء وفاة أو إصابة أحد افراد أسرها، تعويض خسائرمن تضررت ممتلكاتهم المتواضعة، ومواكبة الأسر وخاصة الأطفال لتمكينهم من امتصاص واستيعاب الآثار النفسية والإجتماعية والتعافي منها، مع إعادة تأهيل البنيات الرياضية والثقافية.. في الوقت المناسب وبالأسلوب الفعال.
تثمين الدور الإجتماعي للجمعية المحلية التي اجتهدت من أجل سد خصاص في بنية تحتية أساسية، تمكينا لشباب دوار تيزت من حقهم في ممارسة الرياضة، ملعب رياضي لم تقم بإنجازه المؤسسات المنتخبة رغم توفرها على صلاحيات وشروط أفضل لتحقيقها، وأن بناء الملعب بسرير واد جاف له ذاكرة قوية لاستعادة مجراه رغم مرور 40 أو100 سنة أوما يزيد يساءل محليا المنتخبين وكل الجهات المسؤولة عن إعطاء التراخيص ومراقبة البناء وتوفير وتعبئة العقار اللازم لكل مصالح الجماعة، كما يساءل وطنيا المؤسسات التشريعية والتنفيذية والأطراف المسؤولة عن خلق الشروط القانونية والمؤسساتية والتمويلية من أجل توفير العقار وتعبئة الموارد وتنظيم المجال لصالح الشباب بصفة خاصة والساكنة بصفة عامة، كما يسائلهم وعن ضعف الترتيبات المؤسسية وسياسات التعمير عموما التي رغم فشلها، لم تنقح القائم من قواعد البناء، لجعله أكثر قابلية للتطبيق في السياق المحلي، لاسيما في التجمعات البشرية الغير المنظمة والهامشية التي تتزايد كالفطر، مع استمرار السياسات الغيرالواعية بالمخاطر في غياب قواعد تشريعية وتنظيمية تتلائم والإمكانات الفعلية والقدرات المحدودة لمنتخبي أكثر من 1500 مجلس جماعي الذين أعطيت لهم صلاحية إعطاء التراخيص قبل أن تعطى لمنتخبي بلد متقدم كفرنسا.
تعزيز العمل للحد من التعرض لمخاطر الكوارث ومنع خلق مخاطر كوارث جديدة والمسائلة عن نشوء مخاطر الكوارث، بمراجعة السياسات الحالية في مجال التعمير ومراجعة عدد من صلاحيات عدد من المسؤولين، التي ساهمت في تشويه معمار مناطقنا الجبلية والقروية، بما يقارب 33 ألف دوار، كما ساهمت في تدمير المناطق الرطبة التي تساعد على الحد من المخاطر وتحافط على وظائف النظم الايكولوجية، مما رفع نسبة تهديد قاطنيها بأخطار متعددة، مع الزامية اعتماد مبادئ التدبير الذكي والمستدام للمدن وكل التجمعات السكانية كما تحددها الأمم المتحدة، من خلال تفعيل الجهوية المتقدمة بإحداث سريع لوكالات تعمير جهوية مستقلة، متوفرة على الامكانات المادية والبشرية والكفاءات العلمية والتقنية والصلاحيات والسلطة اللازمة، للقيام بعملهم بشكل تشاركي وشفاف باستعمال تكنولوجيات المعلوميات ووسائل التواصل الحديث ، مع ربط المسؤولية بالمحاسبة.
مراجعة آليات الوقاية وفي مقدمتها طرق الإنذار باستعمال أسلوب واضح ومباشر بدل البلاغات الطويلة المشفرة وكل وسائل التواصل لإخبار الساكنة المعنية وأهمها الهواتف المنقولة التي انتشرت بنسب تفوق %93 بقرانا، بدل تمرير بلاغات بين الإدارات، وتقييم وإدارة المخاطر في المناطق الجبلية والأنهار والمناطق الساحلية المنبسطة والأراضي الجافة، مع إعداد خرائط للمناطق المهددة، تنشر للعموم والعمل على إفراغها ومنع كل تعمير أو تهيئة بها تفاديا للكوارث.
رفع مستوى الوعي لدى عامة الناس والمؤسسات وتعزيز قدرة الساكنة على فهم الكوارث وكل مخاطرها، والخسائر الفادحة التي تسببها وتؤثر على على سلامة الأشخاص والمجتمعات، من أجل المساهمة في مواجهتها، بدل استصغارها واقتصارالتدخل على التقاط الصور والتباكي بعد حدوث الفاجعة، مع وضع آليات قوية لتنسيق تدخل المؤسسات وتنفيذ تدابير متكاملة وشاملة إقتصادية وإنشائية وقانونية واجتماعية وصحية وثقافية وتعليمية وبيئية وتكنولوجية وسياسية ومؤسسية، تحول دون دون التعرض للأخطار والضعف في وجه الكوارث.
اتباع نهج وقائي أوسع لاستباق مخاطر الكوارث المتزايدة الوتيرة للتغير المناخي وتقلباته، ببلدنا الذي تعتبره كل تقارير خبراء المناخ من بين المناطق المهددة أكثر بتصاعد حدة ووتيرة مخاطر الكوارث، مما يستلزم التخطيط المسبق للحد منها، بتسريع وتيرة بلورة مخططات المناخ والحماية من الكوارث الطبيعية بمشاركة كل الفعاليات، وإدماجها في السياسات والخطط والبرامج والميزانيات على جميع المستويات المحلي والإقليمي والوطني، والعمل على بلورة مشاريع لفائدة المجتمعات الهشة والجماعات المحلية في مجال التكيف مع التغيرات المناخية، من أجل تعبئة الدعم المالي الدولي المتوفر بالصندوق الأخضر وصندوق التكيف، بدل الاستمرار خصوصا في إعداد مشاريع التخفيف الكبرى لصالح الدولة والقطاعات والمؤسسات الكبرى.
ومن أجل مغرب أكثر أمنا للجميع، في إطار النموذج التنموي الجديد المرتقب، يجب أن نقطع مع بعض المبررات “الأمنية المبالغة أحيانا” والمستغلة من طرف المزيد من المسؤولين واللوبيات، ليفرضوا على الجميع قبول الاختلالات والتجاوزات وتستغل لعدم تطبيق القوانين، لتأجل وتصعب تحقيق الأمن بعد انقضاء كل زمن سياسي او إداري، لذا يتعين الإستفادة من الدروس المستخلصة، ، سد الثغرات المستبانة، رفع تحديات المستقبل، بتحسين الحكامة والتنسيق، واستغلال الإمكانات الهائلة للتكنولوجيا والتواصل الحديثة، وعدد من البحوث التقارير والخبرات الوطنية والدولية، مع رفع مستوى التأهب، بغاية حماية سكان القرى ومصادر رزقهم وصحتهم وثراتهم الثقافي وممتلكاتهم الاجتماعية والاقتصادية ونظمهم الإيكولوجية بمزيد من الفعالية، وحماية المدن الصغرى والكبرى وعلى رأسها العاصمة الإقتصادية التي وضعها التقرير الصادرهذا الأسبوع عن the economist EIU 2019 Safe cities index حول المدن الآمنة والذي يأخذ بعين الاعتبار المخاطر والكوارث الطبيعية، في مؤخرة الترتيب.
كل هذا يؤكد أهمية وضرورة بلورة الحكومة لاستراتيجية وطنية لتدبير المعارف حول المخاطر والأزمات الناتجة عن الكوارث الطبيعية، مبنية على المعرفة والوقاية والتدبير والتغطية والتمويل والتأمين.