” تكتل مغاربي ” خرج من خيمة الجزائر مائلاً.. والميل سقم
ها نحن اليوم حيارى، لا نعرف كيف نتصرف مع هذا النّظام الجزائري حتّى صار أقصى أمانينا أن نستفيق ذات يوم لنجد على رأسه عُقلاء…
أمّا وحالته الآن وخاصة خلال هذه العهدة تبون – شنقريحة فقد ترسخت قناعة لدى الكثيرين، مغاربة وغير مغاربة، مفادها أن تصرفاتهم خارجة عن المنطق والسيطرة دفعت بالجميع إلى أن يتساءل وبموضوعية وإنصاف ما إذا كان الأمر حالة نفسية مرضية مزمنة ومستعصية عن العلاج بحيث لا يمكن تفسير ما يأتينا من هذا البلد الجار إلا في هذا النّطاق.. بل ليس مستبعدا ما دام الحديث عن أشخاص بلغوا من العمر عتيّاً ( ما بين 79 للرئيس و 80 سنة للجنيرال )
مناسبة هذا “الاستنتاج”، ليس ما سُمي بإعلان افتتاح مكتب لـ جمهورية اللايف ” في الجزائرقبل اسبوع فليس ذلك إلا طلقة فارغة تعامل معها الإعلام الشعبي المغربي بالكثير من السخرية والتعبير الكاريكاتوري صوّروا الجزائر القارة على شكل تجمع لجمهوريات المغرب المطالبة بتقرير المصير كمصير جمهورية تيندوف.. وبئس الخاتمة..
هذا الرد الشعبي المغربي فيه أيضاً حكمة وسلوك مدنيّ راق اتجاه ما يصدر عن الحمّاق ومن رفع عنهم القلم والقدرة على التمييز أمثال هذا الرئيس الجزائري القادر على أن يكون وحدويّا اتجاه الشرق نحو تونس وليبيا وانفصاليّا لبلدنا غرباً..
ففي اسبوع واحد طبّل الإعلام الحربي الجزائري لجمهورية اللايف بخمسة أشخاص.. نفسه طبّل لميلاد اتحاد مغاربي ثلاثي الأضلاع.. بل قرأوا الفاتحة على اتفاقية مراكش بين الدول الخمسة المشكلة للفضاء المغاربي..
والغريب أن هذه التقارير الإعلامية وفي الاتجاهين تختتم دائماً بهذه الجملة اللازمة ( ضربة دبلوماسية موجعة لنظام المخزن المتصهين )
وحين يبحث المرء عن هذه الضربة سيجد ان النظام الجزائري بهذه المبادرة الحمقاء جاءت كبديل عن قضية ( الشعب الصحراوي،) التي خسرها و بدأ التفكير في قضية جديدة يُزعجنا – حسب حمقه – لعقود قادمة، خاصة بعد الزيارة الأخيرة لوزير خارجية فرنسا وقوله: “بأن مقترح ( الحكم الذاتي هو القاعدة) فيما كان أسلافه يقولون:“( أن الحكم الذاتي قاعدة يمكن الانطلاق منها)
في نفس السّياق ماهي الضربة الموجعة في إنشاء هذا التكتل المغاربي الثلاثي الهجين دون المغرب وموريتانيا ونحن أمام نصف دولة بليبيا من جهة وتونس المأزومة اقتصاديا والمخنوقة سياسيا وأمنيا.. ولعل إعلان شركة “ميتسوبيشي كوربورايشن” اليابانية مؤخرًا عن قرارها مغادرة تونس نحو المغرب بعد المرور على أجواء الجزائر مؤشر مباشر حول ما تعانيه تونس من تراجع في مجال الإستثمارات الأجنبية وبلغة الأرقام، ارتفعت الاستثمارات الأجنبية المباشرة في المغرب بنسبة 12% في عام 2022 مقابل تراجعها بنسبة 20% بتونس في نفس السنة
وهذا مايفسر حسب المتتبعين للشأن المغاربي قبول تونس القيسية الانخراط المؤقت في هذه المبادرة الجزائرية طمعا في بعض الدولارات للتخفيف من ازماته المتنوعة من نظام بات يستغل بشكل انتهازي هذه الوضعية الحرجة لجاره الشرقي تونس للخروج من عزلته الإقليمية.. قياساً بالعلاقة بين الطمّاع والكذّاب..وتلك علّة وفاته في المهد وسط تحوّلات جيواستراتيجية بدأت تتأسس بجوار هذا النظام العسكري ممثلة من دول الساحل الباحثة عن مصالحها مع المغرب بلغة الواقع وسلوك المصداقية والمكانة الدولية.. وهروباً من نظام لم يوجد إلا لإضحاك العالم بهذا التكتل الهجين لمحاصرة المغرب بعد ستين سنة من الفشل الذريع لكل المحاولات والمؤامرات المدنية والعسكرية ضد مؤسسات البلد وحدود الوطن..
وذاك تاريخنا مع هذا النظام الذي انتهى بلاقيمة ولاهبة ولا تأثير كما وصفه وزير الخارجية الروسي..بل الأغرب انهم مستعدّون للتنازل حتّى على قناعاتهم المذهبية الدينية إرضاءً للرئيس الإيراني الشيعي الذي رفض أن يصلّي صلاة المغرب خلف إمام سنّيّ لأن ذلك يخالف مذهبهم الشيّعي فأقيمت الصلاة الجماعية بدون إمام.. كسابقة تحريفية حسب فقهاء الإسلام بدأ بها هذا الجامع الكبير بدولة العسكر الجزائري وهي تظهر جليّا اننا أمام نظام بلا هوية دينية مذهبية أو عقيدة سياسية بل عصابة همّمها الآن محاولة تقسيم القلعة المغاربية ضدا على ما يجمع شعوبها من تقاطعات بين التاريخ والجغرافيا والمصير المشترك..
وقبل الوصول إلى بناء هذا الفضاء المغاربي الخماسي الأضلاع.. لا أحد يعرف حجم تكلفة إقلاع هذه العصابة الحاكمة خاصّة عند الجزائريين الذي خرجوا ذات حراك مبارك لمطالبتهم بالرحيل..
فرحل الحراك..
وبقيت العصابة تعبث لا بالجزائر فحسب بل داخل بيتنا المغاربي الكبير
يوسف غريب كاتب /صحافيّ