الجزائر” أكبر ” بكثير من البريكس
” فنحن نرى أن رؤية مجموعة البريكس ما هي إلا امتداد للتصور الذي طالما دافعت عنه الجزائر منذ عقود”.
هو أول تصريح لمسؤول جزائري برتبة وزير المالية ممثل الرئيس ع المجيد تبّون في اجتماع البريكس بجنوب إفريقيا مباشرة بعد رفض هذا التجمع الإقتصادي طلب قبول عضوية بلده الجزائر..
ولا شكّ ان إعادة قراءة هذه الفقرة ستدفعك بدون ترددّ إلى أن البريكس أخطأ موعده مع التاريخ برفضه هذا الطلب الجزائري حين لم تدرك أن رؤيتها ما هي إلاّ امتداد للتصور الذي دافعت عنه الجزائر منذ عقود.. وقد استشهد هذا الوزير الجزائري أمام قادة هذه الدول بموقف الجزائر في مؤتمر عدم الإنحياز سنة 1973 ومنذ ذلك الوقت وهي تنادي بتأسيس هذا التجمع البريكسي.. وحين تحقق ذلك بقارتنا الإفريقية يتمّ رفض طلبنا كمؤسسين الأوائل منذ زمان مضيفاً :
” التاريخ يشهد بأن الجزائر كانت في طليعة الدول التي رافعت من أجل بناء نظام عالمي اقتصادي جديد أكثر عدالة”.
بهذا التصريح القوي والمباشر لممثل تبون تكون جماعة البريكس ليست فقط متهمة بالخيانة والسرقة لنضال قيادات الدولة الجزائرية منذ سبعينيات القرن الماضي بل اضاعت فرصة تموقعها الاستراتيجي داخل العالم في غياب الجزائر.. وقد عبّر الرئيس نفسه عن ذلك في إحدى تصريحاته
” الجزائر ضرورية للبريكس لأنها المنفذ الوحيد للدخول إلى إفريقيا..وأبشّركم بأن سنة 2023 ستكون متوّجة بهذا الدخول”
هو كلام رئيس دولة قبل اسابيع من انعقاد قمة البريكس وأشهر من عودته من روسيا طالبا معونة بوتين وعلى الهواء مباشرة بقوله
نحن نريد في أقرب وقت التعجيل بانضمامنا إلى البريكس حتى نغير الدولار..
هذا البوتين نفسه الذي اعتبره تبّون صديق العالم رفض حتّى ان يدرج طلب القوة الضاربة ضمن جدول الأعمال على اعتبار أن معيار إدراج أيّ طلب قبل أن يكون اقتصاديّا هو أوّلاً هبة الدولة وسمعتها ووزنها السياسي ومواقفها الواضحة على المستوى الدولي.. وهي خلاصة ماصرّح به وزير خارجية روسيا السيد لافروف على هامش انتهاء أشغال قمة البريكس..
هو تصريح يضع حدّاً لهذا النظام الدونكيشوطي بالجزائر ويسقط كامل الأقنعة على وجوه الكبرانات أمام الشعب الجزائري وأحراره..
تصريح يضع جدّاً لكل الأوهام التى بنيت عليه هذه الدبلوماسية الإستعراضية مثيل ان الجزائر تحارب لأنها آخر قلاع الممانعة ضد التطبيع.. ولّم الشمل الفلسطيني لن يكون الا بقيادة جزائر مكة الثوّار.. وحرب أوكرانيا سيوقفها تبون ومن معه.. ولا سلام بدولة مالي الا عبر الجزائر.. أما طرابلس فلن نتركها تسقط..أما قطع العلاقة مع العدو الكلاسيكي هو بديل عن الحرب معه..
كل هذه الأوهام سقطت الآن أمام الشعب الجزائري والعالم حين كشف أصدقاء الجزائر ان نظام بلدهم لا هبة له وغير مسموع الصوت والرأي وضعيف مهزوز ومرعب حد انه شن حملة مداهمة لمكتبات تبيع خريطة العالم تظهر فيها المغرب بكامل أراضيه من طنجة إلى مابعد الكركرات..
فإذا كان أحرار الجزائر ومستضعفيه مطلوبون اليوم بتقديم الشكر للسيد لافروف ومجموعة البريكس بكسرهم لهذا الوهم ووضع بلدهم في حجمها الطبيعي المتواضع أقل من دولة إثيوبيا هذه الأخيرة التي تنازلت جزائر بوتفليقة عن ديونها سنة 2012 وهي اليوم داخل مجموعة البريكس باقتصاد تنافسي وقوي..وتبون تائه بين البريكس ولعديكس..
فنحن أيها الجيران قد ازددنا قناعة بهذا الصبر الاستراتيجي لبلدنا اتجاه هذه العداوة المجانية لنظامكم البئيس.. بل ارتفع منسوب فهمنا لهذه اليد الممدودة والمتكررة كوسيلة إنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل انهيار هذا النظام الفاشل المنبوذ حتّى عند ما يسميهم بالحلفاء الاستراتيجيين..
أليس الوضع مستقرّاً..
بلى والف بلى
ولوقال نعم لكفر
يوسف غريب كاتب /صحافي