مجتمع

شغيلة الحراسة تعاني في صمت” في ظل غياب مراقبة وتفتيش الشغل” .

بقلم: ذ الحسين بكار السباعي

كثر الحديث عن ظروف اشتغال مستخدمي شركات الحراسة ونقل الأموال و طبيعة عملهم و مهامهم التي تغيب وتنعدم في غالبيتها أبسط الحقوق التي تكفلها مدونة الشغل .
فغالبية مستخدمي هذا القطاع الخدماتي الهام والحساس لارتباطه بأمن الممتلكات والأشخاص يعملون خلال اليوم الواحد اثنتي عشرة ساعة أي معدل يزيد على اثنتين وسبعين ساعة في الأسبوع التي يفرض القانون التزام المشغل طبقا لما حددته مدونة الشغل في عدد ساعات العمل القانونية، باستثناء القطاع الفلاحي والمحددة في 44 ساعة في الأسبوع، وفي حال توزيع مدّة العمل حسب حاجيات المقاولة فلا يجب أن يتجاوز عدد ساعات العمل في اليوم 10 ساعات.
ناهيك أن شغيلة الحراسة أو ما يطلق عليهم بالأمن الخاص رغم أن المشرع المغربي في القانون رقم 06/27 المنظم لشركات الخراسة الخاصة ونقل الأموال والذي دخل حيز التنفيذ بتاريخ 22 شتنبر 2012 والذي جاء لسد الفراغ القانوني الذي يعانيه هذا القطاع والذي ضل والى حين صدور هذا القانون يشتغل وفق أحكام قانونية تعود للفترة الاستعمارية وهنا أشير الى الظهيرين الشريفين الاول الصادر بتاريخ 7ابريل 1933 والمتعلق بالمشروعات أو الشركات الراجعة للحراسة أو المراقبة الخصوصية ، والثاني الصادر بتاريخ 10 ديسمبر 1951 في شأن الخراس الخصوصيين .ورغم صدور العديد من القرارات الوزارية بعدها لضبط العمل بعذا القطاع وشروط العمل والأهلية للقيام بأعمال الحراسة ،وما يهم الشروط اللازم توفرها في المستخدمين في أعمال نقل الأموال وهنا وجب الإشارة الى القرار المشترك لوزير الداخلية ووزير التجهيز والنقل ووزير التشغيل والتكوين المهني رقم 12-2898 بتاريخ 24/02/2012 والذي يخص شروط نيل دبلوم او شهادة تثبت الأهلية المهنية للقيام بأعمال نقل الأموال .
اقول أنه ورغم كل هذه الشروط والتي غالبا لا يتم إحترامها من قبل العديد من الشركات المستثمرة في هذا القطاع الخدماتي ، فإن غالبية شغيلة الحراسة والى جانب العمل لإثنتي عشرة ساعة في اليوم كما سبق ذكره ، فإن أغلبهم يشتغلون بأجور لا تتعدى في أحسن الأحوال ألفين أو ألفين و200 درهم، أي أقل من الحد الأدنى للأجور المحدد في 2828 درهما واحيانا في ظروف عمل حاطة بكرامتهم .
وللمعلومة فقد تزايد عدد شركات الأمن الخاص في المغرب خلال السنوات الأخيرة بشكل لافت، خاصة ما اصبح تفرضه ضروف توفير السلامة وحماية الممتلكات الخاصة من ضرورة ملحة ، حيث أصبحت المؤسسات الخاصة، مثل البنوك والفنادق والأسواق ، ملزمة بتوفير الحراسة الخاصة في مداخلها حفاظا على أمنها.
بل وان العديد من القطاعات العمومية والجماعات الترابية وغيرها، أصبحت تعتمدها ليس فقط في أعمال الحراسة ولكن كذلك في أعمال مكتبية والتي كان يقوم بها الاعوان المؤقتون أو الرسميون المسحلين بسلالم دنيا والتي لم يعد يعمل بها في إطار عملية التوظيف الإداري .
ورغم العدد الهام لشركات الأمن الخاص الموجودة في المغرب والبالغ مجموعها حسب بعض الاحصائيات ، اثني عشر ألف شركة ،غير أن العاملين بهذه الشركات ينتمون إلى الطبقة العمالية “المسحوقة” والمهضومة الحقوق .
ومن المعلوم أن عدد شركات الحراسة ( الأمن الخاص مصطلح لا وجود له بالقانون رقم 06/27 ، كما أن هذا الأخير فرض شروط دقيقة في ضرورة اختلاف بدلات شغيلة هذا القطاع عن غيرها من الأزياء والبدل الخاصة برجال الأمن ومختلف القوات العمومية كما فرض ذات القانون على السلطات الأمنية مراقبة الأجهزة والادوات التي تستهمل في مهام الحراسة ونقل الأموال ) .
اقول التي تتوفر على ترخيص من طرف السلطات والتي تعمل في وضع قانوني سليم طبقا للقانون الإطار و القرارات التنظيمية المعمول بها ، لا يتعدى ألف شركة، والباقي يشتغل في إطار غير المهيكل ، وهذا النوع من الشركات هي التي لا تحترم أدنى شروط العمل طبقا لمدونة الشغل بل يثم التشغيل في ظروف غير لائقة ، تنعدم فيها ادنى الحقوق .
ليبقى السؤال الذي على مسؤولي ومراقبي الشغل و كل الاطارات الحقوقية، الإجابة والتدقيق بخصوصه هو ، كيف تسمح الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية في ظل دستور 2011 و حمولته الحقوقية، بتمرير صفقات عمومية عملا فقط بمبدأ العرض الأقل تكلفة وهي عروض تقترحها شركات حراسة قصد الحصول على الصفقات ضاربة بذلك عرض الحائط مبدا التنافس الشريف الذي من خلاله تصان كرامة المستخدمين، فاقتراح عروض تقارب تكلفتها الحد الادنى للأجور إنما هي نية مبيتة لهضم حقوق الشغيلة وعليه فإن مسؤوليتها تبقةدى قائمة ليس فقط في التستر على الانتهاكات التي تمارسها شركات الحراسة تجاه مستخدميها من حيث الأجور وباقي الحقوق بل تشجع ذلك وتساهم في تكريس الوضع القائم لأجل غير مسمى.
كما أن المسؤولية لا تقتصر على الدولة فقط في هذا المجال ، بل هي مسؤولية مشتركة تتحمل فيها الشركات المشغلة قدرا مهما جراء الممارسات اللامهنيةوالحاطة بالكرامة الانسانية تجاه مستخدميها.
فالى متى ستضل هذه الفئة من الشغيلة التي اضحت مهامها ضرورية في كل المحالات تتحمل معانات تدهوروضعيتها وإغتصاب حقوقها المشروعة، في ضل صمت من أوكل لهم المشرع سلطة مراقبة الشغل .

ذ/ الحسين بكار السباعي
محام وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى