نجاة زاركي شاعرة ابن زهر العالمية
قليلون هم من على علم بموهبة نجاة الزاركي الشعرية، وقليلون هم من يعلمون عدد الجوائز الدولية التي تحصلت عليها هذه السيدة السوسية الاصيلة، فنجاة الزاركي اسم موهوب تزخر به مدينة اكادير، بداخلها طاقة تعمل ولا تهدأ أبداً، تظل جذوتها مشتعلة لا تنطفئ. تبدع في مختلف المواضيع ولا تنحني للصعاب التي تواجهها.
فقبل شهر من اليوم تقريبا وبالضبط يوم الاحد 02 يونيو 2019، تسلم نائب قنصل المملكة المغربية بمدينة ميلانو الايطالية السيد عبد العزيز البوزوري الجائزة الاولى للشعر صنف الشعوب، نيابة عن الشاعرة المغربية الاكاديرية نجاة زاركي، وذلك خلال فعاليات توزيع جوائز المسابقة الدولية للشعر في دورتها 28 التي نظمها المركز الايطالي للشباب والشعر في شهر مارس 2019 المنصرم.
هذه المنافسة الدولية الهامة عرفت فوز الشاعرة المغربية نجاة زاركي او شاعرة ابن زهر كما يفضل مقربوها مناداتها، بالمرتبة الأولى في صنف شعر الشعوب محققة بذلك فوزها السادس بهذه المسابقة التي تبارى من أجلها هذه السنة 920 شاعرا وشاعرة، من 22 جنسية مثلت دول بلغاريا، رومانيا، بنغلاديش، ألبانيا، أوكرانيا، السنيغال، سريلانكا، البنين، اليابان، روسيا، باكستان، مولدافيا، فرنسا، الصين، الكاميرون، ماسيدونيا، غانا، الدومينيكان، الجزائر، تايوان، إيطاليا والمغرب، مؤكدة بذلك علو كعبها عليهم.
فمن هي نجاة الزاركي ؟ وكيف كانت بدايتها؟ وما هي أعمالها؟ هذا ما سنعرفه بالتفصيل في هذا البورتريه الخاص بهذه الشاعرة المتميزة.
تعرف نجاة الزاركي عن نفسها بكونها انسانة واثقة ومتأملة، تجيد الابحار في دنيا الشعر بمهارة كلماتها وبساطتها، عاشقة للتحدي رافضة لانكسار احلامها، تستمد صمودها من اهازيج نساء الاركان على أنغام وايقاعات الحجر.
هي امرأة سوسية وابنة بارة لمدينة الانبعاث أكادير، زوجة وأم، موظفة بكلية العلوم بجامعة ابن زهر، لهذا تلقب بشاعرة ابن زهر، بداية قصة حبها مع الشعر، كانت بولعها باللغة الفرنسية منذ صغر سنها وهو الامر الذي خلق لديها عشقا وشغفا بقراءة لكل ما كان يقع تحت يديها من شعر وروايات الأدب الفرنسي والبحث عنها بمختلف مكتبات مدينة أكادير على قلتها آنذاك، أو عند كتبيي سوق الأحد الذين شكلوا بالنسبة لها مغارة علي بابا، لتليها محاولاتها الاولى في كتابة نصوص شعرية وهي مازالت تلميذة في الإعدادي، ثم بدأت خلال بداية الثمانينات بنشر ما تكتبه على صفحة l’Opinion des Jeunes
بدعم ومساندة من مسؤول الصفحة آنذاك الإعلامي الراحل منير الرحموني، والذي مكنها من فسحة عبرت فيها من خلالها عما ينتابنها من أحاسيس المعيش اليومي ونضالاتها من أجل غد أفضل.
ويبدو ان كتابات نجاة ازعجت البعض، فقد تعرضت ومباشرة بعد التحاقها بالعمل بكلية العلوم بأكادير سنة 1984، لعدد من المضايقات والاستفزازات من طرف عميد الكلية آنذاك، بهدف ثنيها عن الاستمرار في الكتابة وبكل وسائل الضغط الممكنة، حتى وصل الامر إلى حد تنقيلها من الإدارة وعزلها لوحدها في مكتب هو اشبه بسجن انفرادي، من دون تكليفها بأية مهام مع منعها من مخالطة ومحادثة زملائها في نفس المؤسسة لمدة فاقت أربعة أشهر.
كل هذه المشاكل لم تثني شاعرتنا عن مواصلة هوايتها المفضلة، فقد واصلت انتاجاتها الشعرية، وشاركت في عدد من المسابقات الدولية، حيث فازت بالعديد منها خاصة في المسابقة الدولية للشعر بإيطاليا، والتي استطاعت الظفر بها لست مرات في انجاز غير مسبوق، كانت بدايتها سنة 2005 حيث شاركت بقصيدة عن الحادث المأساوي لحريق سجن الجديدة الذي أودى بحياة 49 شخصا، كانت بعنوان هلا استطعتم اخباري أو سجني/قبري، ثم تعود وتفوز مرة ثانية في سنة 2007 بقصيدة عن لا عدالة في الفوارق الاجتماعية تحت عنوان هؤلاء وهؤلاء ، ثم تتويج ثالث في نسخة 2010 بقصيدة: على عتبة الجنة كتعبير منها عن بشاعة الوجوه المظلمة لآفة الهجرة السرية وعن زيف وعود أحلامها وعمق مآسيها، ثم رابع في سنة 2015 بقصيدة هـل ستسمـع صرخـة النـورس؟ فلقب خامس سنة 2018 بقصيدة مدمــــنة عليـــــك لتتوج هذه السنة بجائزتها السادسة عن قصيدتها القبلة.
فوز نجاة الزراكي بست نسخ من الجائزة الايطالية جعل مسؤولي المركز الايطالي للشباب والشعر يقومون بنشر قصائدها الفائزة ضمن خمس دواوين شعرية وترجمتها الى اللغة الايطالية، تقديرا منهم واحتراما لانتاجاتها الشعرية المتميزة واعترافا بموهبتها الذهبية.
شاعرة ابن زهر لا تخفي ميولاتها السياسية والنقابية، فهي تنحدر من اسرة استقلالية وعضوة بالمكتب الجهوي للجامعة الوطنية لموظفي التعليم العالي والاحياء الجامعية، وعضوة نشيطة داخل نقابة الاتحاد العام للشغالين باكادير اداوتنان.