2.2 مليون مواطن مغربي من ذوي الإحتياجات الخاصة بين مطرقة الإعاقة وسندان التهميش .
بقلم : ذ.عادل بن الحبيب
تختلف تسميات ذوي الاحتياجات الخاصة من بلد لآخر، كما وتختلف نسبة الإعاقة ونوعها من شخص لآخر، لكن ما يجمعهم هو المعاناة اليومية التي تواجههم داخل المجتمع . لعل من الصعب على الشخص العادي أن يتخيل ما يعانيه نظيره من ذوي الإعاقة، أيا كانت تلك الإعاقة، من مشاّق وصعوبات حياتية يومية، لا سيما في البيئات غير المستجيبة لاحتياجاتهم في التنقل والحركة والتواصل والنشاطات الحيوية الأخرى التي يقوم بها الناس طوال الوقت، ففي حين تجري الأمور بصورة سلسلة وبديهية لأغلب الناس، يواجه ذوو الاحتياجات الخاصة صعوبات مقيتة وظالمة في كثير من الأحيان في الدول التي لا تضع على سلم أولوياتهم أن تراعي هذه الفئة الوازنة من أي مجتمع .
تنظر معظم المجتمعات العربية إلى ذوي الاحتياجات الخاصة نظرة شفقة، وهؤلاء يعتبرون في الكثير من الأحيان “فئة مهمشة غير مرغوب فيها” بسبب عقليات المجتمع أو القوانين الحاكمة.
في المغرب تجاوز عدد ذوي الاحتياجات الخاصة حاجز الـ2.2 مليون مواطن، ما يمثل 6.8% من إجمالي عدد السكان، ما يعني أن أسرة واحدة من بين كل 4 أسر معنية بالإعاقة، وفقا للنتائج التي أوردتها وزارة الصحة المغربية. هذه الفئة تعتبر أن الحكومة لا تحترم الاتفاقيات الدولية، وحقوق الإنسان، والمعاقين، بل ودستور البلاد وقوانينها، فرغم احتواء الدستور المغربي على لوائح وقوانين ترفع من شأن هذه الفئة فهي لا تعدو أن تكون حبرا على ورق لا يتم تفعيلها على ارض الواقع. وكمثال فشلها في إيجاد حل لملف المكفوفين المعطلين، حاملي الشهادات”، حيث من المفترض تخصيص نسبة 7% من عدد الوظائف لهم ، ومنذ 20 سنة لم يتم تفعيلها إلى غاية ألان .
لا تقتصر معاناة ذوي الاحتياجات الخاصة على عدم وجود مرافق تسهل عليهم عملية انتقالهم عبر وسائل النقل، أو عدم حصولهم على حقهم في تكافؤ الفرص فيما يتعلق بالوظائف ، أو عدم تفعيل الأنظمة و القوانين الخاصة بهم و قلة المراكز المتخصصة في مساعدة و إرشاد الأسر و تأهيل أفرادها و توجيههم في كيفية التعامل الصحيح مع الطفل الذي يعاني إعاقة. أو الافتقار إلى مراكز متخصصة في تشخيص الإعاقة و مقاييسها و علاجها و خاصة الإعاقات التي يصعب الكشف عنها . أو صعوبة الولوج و الاندماج داخل المؤسسات التعليمية و المؤسسات الخاصة بذوي الاحتياجات المختصة وبالتالي يكون التهميش و الأمية مصيرهم. أو غياب أماكن الترفيه التي تناسبهم. أو الصعوبات الاقتصادية المتمثلة في التكاليف الباهظة التي يحتاجونها من اجل العلاج و الجراحة و المتابعة و غيرها .
بل إن أكثر ما يسبب لهم المعاناة هو النظرة الدونية للمجتمع إليهم والتي تتراوح بين الإشفاق و السخرية في الكثير من الأحيان، و العنف اللفظي و الجسدي والمعنوي الذي يتعرضون له يوميا, والإساءة لهم وهو ما يدفع إلى المزيد من تهميش هذه الفئة المهمة من المجتمع.
من أجل أخذ ذوي الاحتياجات الخاصة لحقهم الكامل في الحياة، وممارستهم أنشطتهم اليومية بكل حرية، وكي يكونوا فاعلين في المجتمع، شددت الأمم المتحدة على منحهم حق “الوصول”، وهي كلمة عامة فسرتها بأنظمة عديدة، وحثت الدول على التقيد بها، وهي الوصول إلى المرافق العامة ،الوصول إلى المساحات الخارجية، الوصول إلى المجتمع، الوصول إلى الطرق العامة، الوصول إلى وسائل النقل العامة ، التوظيف ، والحق في التعليم و في معاملة لائقة.
منظمة الصحة العالمية التي تصدر المصطلحات غيرت مصطلح الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة إلى الأشخاص ذوي القدرات، فالأشخاص المعوقين هم معوقين من المجتمع لأن المجتمع لا يتقبلهم، وهذا مصطلح يختلف عن المعاقين والذي يقيم الأشخاص من خلال عجزهم، فالمجتمع هنا هو الملام ولا يتقبل هؤلاء الأشخاص ولا يقدم لهم الدعم المناسب .
وعلى الرغم من الجهود المتواصلة من قبل مختلف الجهات للمناداة بتأمين المرافق اللازمة لذوي الاحتياجات الخاصة، والعمل على توعية الناس للتعامل معهم على أنهم أناس طبيعيين، لا يزال المعوق في المغرب يرزح في معاناته بين مطرقة الإعاقة وسندان التهميش و النظرة السلبية من المجتمع المحيط به.