عندما يبدع المجتمع المدني ويخلق مبادرات تضامنية استثنائية باشتوكة أيت باها في زمن كورونا المستجد.
.عبداللطيف الكامل
يعد إقليم اشتوكة أيت باها بحق مهد العمل الجمعوي والتضامني بجهة سوس ماسة حيث كان سباقا إلى خلق جمعيات تنموية نشيطة منذ بداية التسعينات من القرن الماضي،وكان من أشهرها جمعية”تيويزي”التي يعود لها الفضل في إنجاز عدة مشاريع تنموية بالوسط القروي تحديدا كحفر الآبار وبناء صهاريج مائية وربط الدواوير بشبكتي الماء الشروب والكهرباء وتعبيد الطرق وإحداث مسالك جبلية وبناء مرافق ثقافية وتربوية وصحية بعد إبرامها لشراكات مع إطارات أخرى بالإقليم وخارجه…
بل أكثرمن ذلك ساهم أعضاؤها النشيطون في خلق إطارات جمعوية جديدة تعنى بحماية شجرالأركان وتخليفه،وأيضا في تأسيس جمعيات تنموية وثقافية ببعض الدواوير والمداشرالتابعة للجماعات القروية بالإقليم،فمن رحم جمعية تيويزي إذن انطلقت جمعيات عديدة من أبرزها جمعية الخربة أولاد ميمون بجماعة سيدي بيبي بذات الإقليم استطاعت بإنجازاتها الباهرة أن تخلق لنفسها إشعاعا لافتا للنظرتجاوز حدود الإقليم والجهة لتصبح نموذجا في التنمية المستدامة يحتذى على الصعيد الوطني.
وما كان ليتأتى لها ذلك لولا عزيمة وطموح أبنائها حيث استطاع الدكتورخالد ألعيوض بمعية شباب المنطقة تأسيس جمعية تنموية أنزلت كل المشاريع التي كانت في السابق عبارة عن أفكار ذهنية وتصورات ورقية،على أرض الواقع،وأخرجت هذا الدوارمن دائرة التهميش والهشاشة،إلى دوار مجهز بمعظم المرافق من تطهير سائل وماء شروب وكهرباء وإنارة عمومية ومركب سوسيوثقافي وملاعب القرب،حيث بدأ هذا العمل الميداني بفضل تظافر جهود شباب الدوار وسكانه وأبنائه المتواجدين بالمهجر.
وهكذا تحول المشاريع في رمشة عين الحلم إلى واقع وتحولت معه الفكرة الجنينية إلى إنجازات ميدانية تبهراليوم من يزور دوار أولاد ميمون،بدءا بترصيف الممرات وتعبيدها وتقوية الإنارة العمومية وإنشاء مرافق كبرى مثل المركب الثقافي والإجتماعي يتضمن أقساما للتعليم الأولي وأقساما لمحوالأمية وخزانة مكتبية ومتحفا للتراث المحلي وإيواءا فندقيا يتكون من غرف وأسرة تستقبل من خلاله الجمعية المسيرة مختلف الرحلات والفرق الرياضية بقسم الهواة وتنظيم الأيام الدراسية الجامعية وإجراء في فضاءاته جميع التظاهرات الفنية والموسيقية وغيرها.
وبالتالي أحدثت هذه الإنجازات الميدانية التي بادرت بها جمعية أولاد ميمون للتنمية والتعاون في خلق دينامية اجتماعية كبيرة وخلق أوراش جديدة مما جعل المنطقة نموذجا للتنمية المستدامة وللشراكات بين الجمعية والمؤسسات المنتخبة وغيرها،وقبلة لإستثمارات فلاحية مختلفة مما كان لهذا كله قيمة مضافة ساهمت من الرفع من قيمة العقاربالمنطقة.
وفي زمن كورونا المستجد والذي ألزم سكان المنطقة بالبقاء في منازلهم وعدم مغادرتها إلا للضرورة امتثالا لقرارات حالة الطوارئ الصحية،لم تبق جمعية أولاد ميمون مكتوفى الأيدي بل بادرت مرة أخرى إلى الإبتكار و الإجتهاد وإبداع أشكال تضامنية استثنائية من خلال إشرافها على عدة مبادرات تضامنية ذات طابع اجتماعي صرف كانت بمثابة محفز لباقي جمعيات المجتمع المدني بالإقليم .
وحسب بلاغاتها التي توصلنا بنسخ منها،نظمت الجمعية المرحلة الأولى التضامنية بتنسيق وشراكة مع المحسنين أبناء الدوار،والتي من خلالها تم توزيع 200 قفة على الأسرالمعوزة والأشخاص الذين فقدوا عملهم بسبب انتشار وباء كورونا المستجد، وأشرفت على الحملة التضامنية الثانية التي انطلقت مع بداية شهر رمضان.
وفي هاتين المرحلتين أبانت الجمعية عن علو كعبها في ابتكار حزمة من المبادرات التي خلفت صدى إيجابيا في نفوس الساكنة وفي منصات التواصل الإجتماعي ولدى جميع القطاعات المشاركة منها :
توزيع 200 قفة رمضان بدوارالخربة أولاد ميمون وتوزيع قفف إعانات على المهاجرين الأفارقة المقيمين بجماعة سيدي بيبي والذين فقدوا عملهم بسبب الجائحة،ومثلها على السياح الأجانب العالقين بشاطئ تيفنيت وكذا توزيع قفف الإعانات على أئمة وطلبة المدارس العتيقة بماسة وغيرها.
زيادة على اقتناء لوائح الكترونية وتوزيعها على تلاميذ الوسط القروي بالمنطقة والإعتناء بمدرسة الدوارالإبتدائية عبر القيام بأعمال التنظيف والبستنة.وتنظيم حملة تحسيسية وسط السكان نمت عن نبل عميق في التعاون والتضامن والتعامل مع الأسرة المعوزة والفقيرة بحيث بادرت إلى تسجيل أبناء المنطقة بتقنية عن بعد ممن بلغ منهم سن التمدرس.
وقد حدث ذلك بالإتفاق مع مديرالمدرسة الإبتدائية والمديرية الإقليمية لوزارة التربية الوطنية باشتوكة أيت باها،بحيث قامت الجمعية بجمع جميع وثائق أبناء دوار أولاد ميمون البالغين سن التمدرس بهدف تسجيلهم عن بعد والتكلف بجميع الإجراءات الخاصة بذلك،ونظرا لعدم توفر أغلب الأسرى على حاسوب،وتفاديا لتنقلهم كإجراء وقائي للحد من تفشي فيروس كورونا قامت الجمعية بتنسيق مع مربيات روض الأطفال ومدير مركزية العلويين بالدوار بتسجيل التلاميذ عن بعد بمناسبة الموسم الدراسي المقبل.
ومن الأعمال التضامنية التي قامت بها الجمعية هي أنها أعفت ساكنة دوارالخربة أولاد ميمون ولاسيما المعوزين منهم من تكاليف التزود بالماء الصالح للشرب لشهر مارس 2020 دون أن يشمل الإعفاء الأسرالميسورة والمقاولات الفلاحية والمحلات التجارية.
كما أعفت المستفيدين من خدمات النقل المدرسي لشهر واحد بالنسبة لتلاميذ الدواوير التالية:دوارالخربة أولاد ميمون ودوار البريج أولاد ميمون،ودوارالعزيب،فضلا عن توزيع 144 رقاقة التخزيين الخاصة بالهواتف الذكية التي تحتوي على تسجيل الدروس والمواضيع حسب المستويات الإشهادية بشراكة مع فيدرالية جمعيات النقل المدرسي والنقل الجامعي والاعمال الإجتماعية بسيدي بيبي.
ومن جهة أخرى قدمت ذات الجمعية مساهمة مالية لطلبة المسجد من أجل تغطية مصاريف تنقلهم لمنازلهم حفاظا على صحتهم وسلامتهم.وبادرت أيضا حسب البلاغات العديد التي توصلنا بها إلى تنقية جواب الآبارالمستعملة لتزويد الساكنة بالماء الصالح للشرب وتركيب مضخة معيارية لإضافة مادة الكلور(جافيل) عملا بالمعاييروالإجراءات الصحية المتبعة في هذا المجال،وتعقيم مسجد الخربة أولاد ميمون ومختلف أزقة المنطقة بتنسيق مع جماعة سيدي بيبي.