رسالة لعطّاف الجزائري :نحن لا نبيع الأوهام مثلكم
السيّد الوزير :
بعد التحية
تابعت كمغربي – وباهتمام خاص – أوّل أمس ندوتكم الصحفية عبر الويب وأبهرني هذا الحضور مع ضخامة القاعة وكأن الحدث جلل زاد من يقيني تعابير وجهكم أثناء تقديم ورقة تأطيرية وتوضيحية لفعاليات ندوتكم ذات الصلة بالإعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء واعتبار المقترح المغربي الحل الوحيد والأوحد لحل هذا النزاع المفتعل بأقاليمنا الجنوبية..
ولو لم أكن مغربيّا وجئت من أقصى القطب الشمالي لاقتنعت وبدون تردد أوشك أن الأمر يتعلق بمنطقة متنازع عليها بين الدولتين المغرب والجزائر وهو الاقتناع الذي يظهر أنه أقربُ للصواب وإلاّ ماالذي يؤلم الجزائر في دعم فرنسا لمغربية الصحراء..!؟
لكن الذي ألّمني السيد الوزير هو وصفك لهذا الإعتراف بجملة كررتها مرّتين ب (هدية ممن لا يملك لمن لا يستحق) والواقع أن مصدر ألمني لا علاقة بدلالة الجملة أبداً بل لهذا الجبن والخوف الذي جمّد كلّ قواك العقلية أنت ونظامك في التعليق على القرار الأمريكي بهذا الوصف.. اللهم إذا كانت أمريكا في موقع من يملك لمن يستحق.. أم أنكم تعرفون ما تعنيه أمريكا في المعادلة الدولية،
وصاحبة القلم في مجلس الأمن فلم تسحبوا سفيركم من واشنطن لا في 2020 ولا في 2024 بعد التصريحات الاخيرة للسفيرة الأمريكية داخل الجزائر تؤكد فيها بأن الإعتراف موقف تاريخي للدولة الأمريكية..
وبالعودة السيد الوزير إلى الورقة التاطيرية لندوتكم المليئة بالكثير من المغالطات وتحريف الحقائق وتأويلها بشكل مستفزّ خاصّة ما جاء في حديثكم عن المقترح المغربي حيث اعتبرتموه مطيّة لربح المزيد من الوقت وتكريس الأمر الواقع الاستعماري.. ومتسائلين
( كيف لمقترح الحكم الذاتي أن يعمّر لأكثر من 17 سنة من دون أن تخصص له دقيقة أو حتى ثانية لمناقشته كما أنه لا يحظى ولن يحظى باهتمام المبعوثين الدوليين الأربعة الذي تداولوا على هذا المنصب طيلة العقدين الماضيين ”
للأسف انت كذّاب السيد الوزير.. وعليه أدعوكم بعد الخروج من هذه السعار أن تزور أرشيف وزارتكم قبل سنتين إلى الوراء وبالضبط 31اكتربر 2021 لتجد هذه الفقرة بالبيان الصادرة وقتها تعليقا على قرار مجلس الأمن ذات الصلة بالنزاع الإقليمي بالصحراء المغربية
” إنّ القرار يفتقر إلى المسؤولية والتبصر وان أي مسعى يتجاهل حق تقرير مصير الشعب الصحراوي سيؤدي إلى زيادة التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة”
وهو نفس الموقف مع توالى السنوات.. فمجلس الأمن قد أقبر وهمكم الإستفتائي كما جاء في بياناتكم واصبح المقترح المغربي هو أساس أيّة مفاوضات مستقبلا.
إن تسفيه المقترح المغربي ليس بالجديد فقد سبقك إلى ذلك طاقم بوتفليقة وكل الوزراء الذين تناوبوا على كرسي الخارجية لهذا البلد.. وكان الرد واضحا قبل عشر سنوات عبر رسالة إلى العالم من طرف صاحب الجلالة في خطاب 6 نونبر 2015 بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء.. يقول جلالته :
“إن المغرب إذا وعد وفى قولاً وفعلاً.. ولا يلتزم إلا بما يستطيع الوفاء به؛ وبذلك نوجّه رسالة إلى العالم.. نحن لا نرفع شعارات فارغة ولا نبيع الأوهام كما يفعل الآخرون.. بل نقدّم التزامات ونقوم بالوفاء بها وبتنفيذها على أرض الواقع.. فالمغرب وعد بتطبيق الجهوية المتقدمة.. وهي اليوم حقيقة بمؤسساتها واختصاصاتها وبتمكين سكان أقاليمه الجنوبية من تدبير شؤونهم.. وهاهم يشاركون في المؤسسات بكل حرية ومسؤولية.. كما أن المغرب التزم بنمودج تنمويّ خاص بأقاليمه الجنوبية واليوم أطلقنا الأوراش المهيكلة والمشاريع المرّة للثروة والشغل.. وفي المقابل فإنّ ساكنة تيندوف بالجزائر ما زالت تقاسي من الفقر واليأس والحرمان وتعاني من الخرق المنهجي حقوقها الأساسية)
انتهى كلام جلالته الذي كان قبل عشر سنوات وقبل سنتين من عودتنا إلى الاتحاد الإفريقي.. وصولا إلى مساعدة فرنسا من الخروج من المنطقة الرّمادية كآخر مسمار في نعش جمهوريتكم الوهمية حيث تكلفت السيد الوزير اول امس بالإشراف على مراسيم الجنازة.. جنازة (وهم دولة) بعد أن تحولت إلى شبح دولة داخل أروقة ومؤسسات الاتحاد الإفريقي قبل أسابيع..
وكم كان الأمر مؤسفا ومهينا لدولة الشهداء والجزائر القارة والقوة الضاربة أن يتم استدعاء الرئيس تبون وعلى وجه السرعة وفي آخر لحظة إلى إيطاليا من أجل إبلاغه بالقرار الفرنسي قبل شهر ونصف من تاريخ إعلانه
كان عليه أن ينسحب فوراً عوض سحب سفيركم من فرنسا قبل يومين..
ما أغباكم أيها الوزير.. تكررون نفس الشيء وتنتظرون نتائج مختلفة.. حتى لقبتم بدولة ساحب السفراء..
لقد أخبروكم قبل شهر ونصف في تجمع دولي .. ورسموا لكم الخطوط الحمراء كما وضعها الذكاء السياسي والاقتصادي الفرنسي.. في انتظار عودة سفيركم بعد العهدة الثانية لعبد المجيد تبّون الرئيس البَوّاس الضحّاك دوماً..وهذا سقف ردّكم على القرار والايام ببننا
وقبل توديعكم السيد الوزير أدعوكم إلى الإطلاع على موقع دولة الفيفا التي يتابعها أكثر من مليار ونصف للوقوف على خريطة المغرب كبلد منظم لمونديال مشترك 2030
وهي ممتدّة من طنجة – لگويرة..ب 12 جهة وبتواريخ اعيادنا الوطنية خاصة 6 نونبر 75 و14 غشت تاريخ استكمال واسترجاع وادي الذهب..
هل ستنسحبون السيد الوزير من دولة الفيفا..
ارجوكم أن لا تفعلوا ذلك.. فهي إهانة ومذلّة للشعب الجزائري الشقيق والشقي بهذا النظام العبيط
يوسف غريب كاتب صحفيّ