إهداء إلى العيون المفتوحة حين ننام
في أقصى الزاوية لمنصّة الزّائرين لفتت أذني من بعيد تراتيل قرآنيّة بنبرة طفولية وقراءة ..وبين البحث عن مصدره وإفراز مضامين هذا الجزء المقروء من الذكر الحكيم حتّى وقفت عينّاي على مشهد رهيب رهبة خشوعنا أمام الله سبحانه وانا اتأمل هذا الصوت الملائكي لأكثر من 200 طفلة بجلاليب أنيقة اللون والشكل حاملات كتاب الله يخترقن صفّاً من أفراد رجال الأمن تحت وقع التحية العسكرية قبل أن يكتمل هذا المشهد الروحاني بخفرهن بمستوى بروتوكول الشخصيات الكبرى..
هي اللوحة لا توصف بل تعاش هنا بأكادير ضمن فعاليات النسخة الخامسة من أيام الأبواب المفتوحة للأمن الوطني بمناسبة تخليد الذكرى الـ68 لتأسيس الأمن الوطني..
هي اللوحة وبتفاصيلها الباذخة تجعلك تقف عن هذه العلاقة الجدليّة بين الأمنين الدنيوي والروحي كما جاء في أوّل دعاء إلى الله لسيدنا إبراهيم عليه السلام :
رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ” (سورة البقرة – الآية 126).
هي الآية الكريمة المؤطرة لهذه اللوحة كرسالة شكر وحمدٍ له سبحانه عن نعمة الأمن واستكثار الثمرات وهي خلاصة لكل الدراسات الحديثة التي تضع الأمن كشرط اساسيّ لتحقيق التنمية.. وكما أكد عليه رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام في حديثه:
“من أصبح آمنا في سربه، معافى في جسده، عنده طعام يومه، فكأنما حيّزت له الدنيا ”
وهو الإطمئنان الجماعي المشترك لدى عموم زوّار هذه الأبواب المفتوحة للأمن الوطني بأن حياته أو إحدى قيمه غير مهدّدة بشكل ما..
بل يرتفع هذا المنسوب عندما تتجول بين الاروقة وانت تلامس جودة هذا الحدث التواصلي داخل فضاء عرض مندمج عبر تقديم لوحات شاملة تعرف بمختلف المهن والتخصصات الشرطية، ضمن قالب يجمع بين متعة التعلم والترفيه والتواصل بين موظفات وموظفي الشرطة وعموم الزائرين من مختلف الفئات العمرية..
تستفزّك بشكل إيجابي بعض الإحصائيات المعروضة لتؤكد مدى حرفية وتميز جهازنا الأمني المغربي داخليا وبهذا الحس الإستباقي ضد كل ما يهدد سلامة الوطن والمواطن على السواء
ومن باب الإستئناس ببعض المعطيات فقد أنجزت مصالح التواصل الأمني ما مجموعه 4955 نشاطا تواصليا، من بينها 1488 نشاطا يتعلق بمهام الإخبار، تتنوع ما بين البلاغات والأخبار الصحفية المرتبطة بقضايا المرفق الأمني والجرائم الماسة بالشعور بالأمن، وكذا نشر 56 بيان حقيقة لتفنيد ودحض الأخبار الزائفة، بالإضافة إلى إنجاز 2873 روبورتاجا مصورا بالشراكة مع عدد من القنوات التلفزية والمنابر الإعلامية الوطنية والدولية.
أما على الصعيد الدولي
بل أثار انتباهي من خلال هذه المعطيات تواجد البصمة الأمنية المغربية عبر المشاركة في أكثر من عشرة مشاريع تحت مظلة منظمة الشرطة الجنائية الدولية، وأزيد من عشرين عملية أمنية نوعية على المستوى العالمي، توّجت باختيار المغرب وبالإجماع لتنظيم الدورة الثالثة والتسعين للجمعية العامة للمنظمة سنة 2025 بمراكش تعبيراً عن ريادة بلدنا والثقة الأمنيّة التي تحظى بها على المستوى العالمي.
وهل نحتاج إلى دليل نحن المغاربة كي نفتخر بالمدرسة الأمنية المغربية وتفاصيل ملف بن بطوش وماتلاه من انتصارات دبلوماسية لما يسمى حاليا بمرحلة ما بعد الگرگرات لولا هذه اليقظة الأمنية والقوة الإستخبارية لاجهزتنا الوطنية..
هي وغيرها من مواقف اتجاه الدول والمحيط جعلت من السيد عبد اللطيف الحموشي، مدير المديرية العامة للأمن الوطني ومديرية مراقبة التراب الوطني يكون الوحيد من إفريقيا ضيف شرف استثنائي في احتفالات الذكرى 200 لتأسيس الشرطة الإسبانية بحضور الملك الإسباني فيلبي السادس وولية عهده وعدد كبير من رؤساء الأجهزة الأمنية بمشاركة أكثر من 35 دولة…
بل تحوّلت صورته مع الملك الإسباني حسب أغلبية المحللين إلى صك تبرئة المغرب من تهم الجوسسة على الجار الإسباني كما قيل سابقاً..
هي تفاصيل صور إنجازات ومكتسبات بقدر ما تعزّز حسّنا الوطني ببلادنا الآمن هو أيضاً البلد المؤتمن على الرأسمالي الأجنبي وسطنا.. المؤتمن على مختلف التظاهرات العالمية بوطننا وبتنوع تفريعاتها..
هو البلد المقبل على تظاهرات رياضية قارية وعالمية طيلة ما تبقّي من هذا العقد نحو 2030
مغربنا قبلة العالم.. بفضلكم حرّاس الوطن وعيوننا التي لا تنام في شوارعنا وبين الأزقة والدروب وعلى الحدود وخارجها..
إليكنّ وإليكم نرفع قبعة الإحترام والتقدير وإلى شهداء الواجب كل الرحمة والمغفرة..
وكل عام وبلدنا تحت عطف ورحمة الآية الكريمة :
فليعبدوا رب ّ هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ”
يوسف غريب كاتب / صحافيّ
”