#غيلاد من لغو الصيف … مجرد رأي:بقلم -الدكتور عمر حلي –
نشأنا في المغرب الحديث على ناصية الحلم وعلى التعايش الاجتماعي الذي كان يبدأ من محيط الأسرة وينتهي بمحيط العمل مرورا بالشغب الطفولي الذي كنا نمارس جزءا كبيرا منه في الطريق إلى المدارس وخلال العطل حيث يلتقي الأحباب وتلتئم الأسر. كنا نلتقي بشكل شبه منتظم تبعا للفصول وحسب المناسبات.
كتب لي أن أعيش في مدن شتى لم تختلف فيها هذه الإيقاعات إلا لماما. عشت في آسفي وفي قصر السوق (الراشيدية) وفي الخميسات وبنسليمان وأولاد تايمة وأكادير ومراكش والدار البيضاء ثم عدت لأكادير. وخلال هذا المسار الشخصي البسيط زاولت الشغب الطفولي وحياة الشباب وعشت الحياة الطلابية وبعدها الحياة العملية.
في ذلك كله، وعلى امتداد عقود أربعة أولى لم يكن من شأننا، مجتمعا وأفرادا، أن نشهر بالناس، إناثا وذكورا؛ كما تعلمنا أن للغضب حدودا وأن علينا أن نتمالك العضب مهما كانت أسبابه، وكنا نسمع دائما حكم السابقين التي كانت تمتاح من الموروث الثقافي والديني. ما الذي تغير اليوم؟ تغير أن من هب ودب أصبح ينعث النساء بالفجور والفتيات بالتفسخ لمجرد أنهم لبسوا لباس صيف. أصبحنا نسمع نعوثا مثل نعث الديوثي يصف به المرء خصمه دون حياء ولا وجل. سمعنا ما اصطحبه بعض من تشبعوا بفكر الإقصاء، القائم على الجهل وعلى الحقد تارة، وعلى التجييش والتوجيه تارات أخرى. وبالقدر الذي فتحت فيه شبكات التواصل هوامش التعبير، بقدر ما اتسعت مساحات الاتهام. والأغرب من ذلك أن الأغلبية الساحقة أصبحت تعتبر نفسها مصدرا قد يؤثر في الباقي، والحال أن الدائرة الزرقاء أصبحت تضيق بأصحابها لأن براثن السوء غدت كالمشنقة تلوى على عنق الماكرين.
سيكون علينا أن نعلي صوت الحكمة وان نكون قادرين على تصحيح الانزلاق؛ وفي ذلك كله سوف يكون على النخبة من مثقفين ومريين ومجتمع مدني وطلاب وهيئات أن تساهم في الترميم والتقويم الذي لن يكون سهلا لكنه سيكون مفيدا.