أقلام الوسيط

إن حكمت الأقدار على أكادير بالعبثية السياسية فنهضتها موكولة للإرادة الملكية ..

بقلم ذة : مريم زينون

لم تكن مدينة أكادير بمنأى عن مشروع الإصلاح التنموي الوطني لولا أنها ظلت طيلة العقد الأخير محسوبة على عقلية دوغمائية كان ينبغي أن تنخرط دون تردد أو مماطلة في مسلسل الإقلاع الاقتصادي بدل الانسياق وراء لعبة ديماغوجية دفعت ساكنة المدينة على وجه الخصوص ثمنها كنتيجة للتوتر السياسي بالمنطقة والذي كان ينطوي على نزعة العصبية والانغلاق، والمؤجج لخطاب الكراهية والانحراف المتعارض مفصليا مع ثقافة المنطقة الأخلاقية ومرجعتيها الدينية ..
وبهذه الإشكالية التنافسية في تدبير الشأن العام للمدينة دون أهمية استراتيجية تروم مسايرة التوجه الوطني نحو الانفتاح بكل ما يضمن الحفاظ على ازدواجية الهوية الثقافية لساكنة المنطقة عربا وأمازيغ، لم يكن مستغرَبا ارتفاع مؤشر الانحرافات الخطيرة والانشقاقات السياسية بسبب التمفصلات العقائدية المهددة للهوية الوطنية، كما لم يكن أيضا مستغربا أمام اختلال موازين الاستقرار الثقافي والاقتصادي الذي تزخر بها المنطقة أن يتجرع ساكنتها الإهانة بسبب الهزيمة السياسية والنقد الأخلاقي الذي يجدون أنفسهم عاجزين عن مجاراته، نزولا عند مشاعر الوطنية القوية أمام العهد الذي لا زال محفورا في ذاكرة المدينة أكثر مما هو محفور على جدرانها ” لئن حكمت الأقدار بخراب أكادير فإن بناءها موكول إلى إرادتنا وإيماننا ” – المغفور له محمد الخامس – وإيمانا منهم أن حماية أكادير على امتداده الترابي تتجاوز سلطة المواقع السياسية إلى سلطة الإرادة الملكية كامتداد للحظوة المميزة التي عنيت بها لخصوصيتها الدينية وما يجسده استثنائيا عهد المواطنة المنقوش على أحد جدرانها إلى اليوم ..


لذلك لم يكن سعي السوسيين إلى نداء التغيير بسوء نية في ما يتعارض مع خصوصياتهم الدينية أو يسيء لهويتهم الثقافية، بل هو مطالبة بالحفاظ على ما كانوا عليه عينيا في التاريخ، وسياسيا في تصدرهم التقدمية كما وقع فعليا بعد استقلال المغرب، لذلك هم متشبثون بتقديم الولاء الذهني والروحي لتاريخ منطقتهم المتحضر .. وليس عجبا أن يكون السوسيون على استعداد للتجاوب مع مضمون الخطاب الملكي بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء 6 نونبر في النهوض بتنمية أكادير بعد إدراكهم أن النخب السياسية أصبحت عاجزة، رغم التوجه الوطني العام، عن السيطرة على استقرار الأمن الاجتماعي وتحقيق تقدم اقتصادي بمدينتهم، دون الابتعاد عن سياسة التدافع على النظام الذي يضمن مصالحهم عوض الدفاع عن ما هو أضمن للمصلحة العليا للوطن والمواطنين بالدرجة الأولى …

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى